![]() |
منهج التابعين في تربية النفوس
من كتاب ( منهج التابعين في تربية النفوس ) - للشيخ عبد الحميد البلالي ألخص لكم هذا المنهج ونسأل المولى جل جلاله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ـــــــــــــــــــــ سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم [ منهاج التابعين في تربية النفوس ] * السبب في ضمور تربية النفوس : - تغليب الجانب القولي على الجانب الفعلي , يقول الإمام ابن المبارك : " أعربنا الكلام فما نلحن ولحنا الأعمال فما نعرب " ويذكر الإمام الجيلاني في الفتح الرباني : " ماء الأساس , الفقه في الدين , فقه القلب لا فقه اللسان , فقه القلب يقربك إلى الحق عز وجل وفقه اللسان يقربك غلى الخلق وملوكهم , فقه القلب يتركك في صدر مجلس القرب منه عز وجل ويصدرك ويرفعك ويقرب خطاك إلى ربك عز وجل " . * من الأسباب المعينة على تربية النفس : 1 . العلم بأن الله غني عن عباده ,وأن هذا كله - السعي لتربية النفس - إنما هو إنقاذا لها من النار وصلاحها واستوائها وإعمار الأرض لتمارس إنسانيتها يقول تعالى : { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } العنكبوت : (6) { يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15} فاطر : (15) { وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} فاطر : ( 18) 2 . الخوف من الله سبب النقاء : - الخوف من الاطلاع الدائم عليهم بكل لفظة وبكل خطوة وبكل خاطر - الخوف من اللحظة الأخيرة , هل تكون خاتمة خير أو شر - الخوف من عدم قبول أعمالهم { يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } -الخوف من عدم صفاء أعمالهم من الرياء والعجب -الخوف مما سيحدث لهم في حياة البرزخ - الخوف من الحساب يوم القيامة يقول تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىفَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } النازعات : ( 40-41) فالخوف سببا لنهي النفس عن الهوى والخوض في معارك مستمرة لتذليلها وتحويلها من نفس أمارة بالسوء إلى نفس مطمئنة ولوامة . * صفات النـفـس : لها صفات عديدة يتوجب معرفتها لمعالجتها وتربيتها على الصفات الحميدة وضبط شهواتها 1. الأمر بالـسوء, فالنفس بطبعها ميالة إلى الشهوات يقول تعالى : وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي فالتربية تقومها وتحولها إلى نفس لوامة تلوم كل ما اقترفت ما شأنه الإبعاد عن الله تعالى ورضاه . 2. اللـــــوم , يقول تعالى : { وَلاَ أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامَةِ } القيامة : (2) وذكرها الإمام مجاهد مفسرا لها : " هي التي تلوم على ما فات وندم فتلوم نفسها على الشر لم فعلته وعلى الخير لم لا تستكثر منه " , وتمثل لها محكمة دائمة فهي حساسة خفية تشعر بالحسن والقبيح ولذلك لا بد أن يكون طلب المعونة للوقوف أمامها أول ما يلجئ العبد إلى مولاه , ورد في الحديث النبوي : " قل اللهم عالم الغيب والشهادة , فاطر السماوات والارض رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه " فإذا استمر الالتزام على متابعة هذه الصفة وتربيتها في النفس فإنها تحيلها إلى نفس مطمئنة . 3. الطمأنينة , يقول تعالى : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي } الفجر : ( 27-30) فيعرفها القرطبي بانها " النفس المطمئنة الساكنة الموقنة , أيقنت أن الله ربها فأخبتت لذلك " . وذكرها ابن عباس بأنها : " المطمئنة بثواب الله " وقال الحسن البصري : " إن الله إذا قبض روح عبده المؤمن اطمأنت النفس إلى الله تعالى واطمأن الله لها " وقال الإمام مجاهد هي : " الراضية بقضاء الله التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها وما أصابها لم يكن ليخطأها " وتتأتى هذه النفس بالمحاسبة الدائمة لكل لفظة وخطرة ولحظة وخطوة , فيتمكن من تعديل مسارها حتى تستقر على الخط الأصيل وعلى الصراط المستقيم , فلا تؤثر فيها رياح الفتنة وزينة الدنيا وشدة البلاء وتسويل الشيطان , فإنها تهزأ بذلك كله بطمأنينة الموقن بقدر الله تعالى المستسلم لإرادته تعالى . فيقول عنها سيد قطب : " في المطمئنة في السراء والضراء والبسط والقبض والمنع والعطاء المطمئنة فلا ترتاب, والمطمئنة فلا تنحرف والمطمئنة فلا تتلجلج في الطريق والمطمئنة فلا ترتاع في يوم الهول الرهيب " 4 . الازدواجية , يقول تعالى : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ... } الشمس : ( 7-10) فالتزكية هي : التغيير للأحسن وللخير وفعله أما التدسية : فهي التغير للاسوأ وللشر وفعله قال تعالى : { وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } النساء:79 فالنفس مزدوجة الطبيعة ومزدوجة الاستعداد ومزدوجة الاتجاه وعبر عنها في القرآن الكريم بطريقتين : - الإلهام , {{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }} - الهداية , { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } فالاستعدادات للخير وللشر مخلوقة فطرة وكائنة طبعا وكامنة إلهاما والرسالات والتوجيهات توقظها وتشحذها . 5. القدرة على التكليف : يقول تعالى : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } البقرة : (284) فقد خلقت في النفس القدرة على فعل الخير وفعل الشر , يقول الإمام ابن كثير : " أي لا يكلف في أحدا فوق طاقته وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم وهي الناسخة الرافعة لما أشفق منه الصحابة في قوله { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ } فالله تعالى لا يعذب الشخص بما لا يملك دفعه كوسوسة النفس وحديثها فلا يكلف بها الانسان " . 6. التطويع, قال تعالى : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } المائدة :(30) وذكر القرطبي في تفسيره : " سولت وسهلت نفسه عليه الأمر وشجعته فصورته له سهلا طوعا , طاع الشيء يطوع : انقاد ومن صفات هذه النفس أنها تغري الإنسان تسهل في عينه الشر وتنسيه العاقبة . 7. الوسوسة , هي الصوت الخافت الذي لا يسمعه الآخرون وحديث النفس لصاحبها ينقسم لقسمين : الأول , إن كان خيرا فيكون صاحبها قد تعب في تربيتها وتزكيتها الثاني , وإن كان شرا فيكون قد انقاد لها ولم يكن من أولئك المجاهدين قال القرطبي : " الوسوسة , حديث النفس , يقال: وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواسا , يقال لهمس الصائد والحلي والكلاب : وسوسة " 8 . التسويل , قال الله تعالى : { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي } طه :( 96) وقال في سورة يوسف : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } فالتسويل هو تزيين النفس لصاحبها فعل الخطأ , والزينة توضع على الشيخ حتى تغير من صورته الأصلية فتقبلها النفس وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين |
All times are GMT +3. The time now is 06:50 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.