بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   زوجتي (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=3517)

هيفولا 02-19-2011 11:36 PM

زوجتي
 



زوجتي

يقول الشيخ / علي الطنطاوي يرحمه الله :

(لله در ذلك الشيخ الفاضل ما اروع كلامه )

لم
أسمع زوجاً يقول إنه مستريح سعيد ،
وإن كان في حقيقته سعيداً مستريحاً ،
لأن الإنسان خلق كفورا ً،
لا يدرك حقائق النعم إلا بعد زوالها ،
ولأنه ركب من الطمع ،

فلا يزال كلما أوتي نعمة يطمع في أكثر منها ،
فلا يقنع بها ولا يعرف لذاتها ،
لذلك يشكو الأزواج أبداً نساءهم ،
ولا يشكر أحدهم المرأة إلا إذا ماتت ،
وانقطع حبله منها وأمله فيها ،
هنالك يذكر حسناتها ، ويعرف فضائلها .

أما

أنا فإني أقول من الآن –
تحدثاً بنعم الله وإقراراً بفضله - :

إني

سعيد في زواجي وإني مستريح
وقد أعانني على هذه السعادة أمور
يقدر عليها كل راغب في الزواج ،
طالب للسعادة فيه ،

فلينتفع بتجاربي من لم يجرب مثلها ،

وليسمع وصف الطريق من سالكه
من لم يسلك بعد هذا الطريق .


أولها
:

أني لم أخطب إلى قوم لاأعرفهم ،

ولم أتزوج من ناس لا صلة بيني وبينهم ..
فينكشف لي بالمخالطة خلاف ما سمعت عنهم ،
وأعرف من سوء دخليتهم ما كان يستره حسن ظاهرهم ،
وإنما تزوجت من أقرباء عرفتهم وعرفوني ،
واطلعت على حياتهم في بيتهم وأطلعوا على حياتي في بيتي
، إذ رب رجل يشهد له الناس بأنه أفكه الناس ،
وأنه زينة المجالس ونزهة المجامع ،
وأمها بنت المحدّث الأكبر ،
عالم الشام بالإجماع الشيخ بدر الدين الحسيني رحمه الله
، فهي عريقة الأبوين ، موصولة النسب من الجهتين .


والثاني
:
أني اخترتها من طبقة مثل

طبقتنا ، فأبوها كان مع أبي في محكمة النقض ،
وهو قاض وأنا قاض ،
وأسلوب معيشته قريب من أسلوب معيشتنا ،
وهذا الركن الوثيق في صرح السعادة الزوجية ،
ومن أجله شرط فقهاء الحنفية
( وهم فلاسفة الشرع الإسلامي )
الكفاءة بين الزوجين .


والثالث
:

أني انتقيتها متعلمة تعليماً عادياً ،

شيئاً تستطيع به أن تقرأ وتكتب ،
وتمتاز من العاميات الجاهلات ،
وقد استطاعت الآن بعد ثلاثة عشر عاماً في صحبتي
أن تكون على درجة من الفهم والإدراك ،
وتذوق ما تقرأ من الكتب والمجلات ،
لا تبلغها المتعلمات

وأنا أعرفهن وكنت إلى ما قبل سنتين
ألقي دروساً في مدارس البنات ،
على طالبات هن على أبواب البكالوريا ،

فلا أجدهن أفهم منها ، وإن كن أحفظ لمسائل العلوم
، يحفظن منها ما لم تسمع هي باسمه ،
ولست أنفر الرجال من التزوج بالمتعلمات ،
ولكني أقرر - مع الأسف - أن هذا التعليم
الفاسد بمناهجه وأوضاعه ،
يسيء على الغالب إلى أخلاق الفتاة وطباعها ،

ويأخذ منها الكثير من مزاياها وفضائلها ،
ولايعطيها إلا قشوراً من العلم لا تنفعها في حياتها
ولا تفيدها زوجاً ولا أماً ،

والمرأة مهما بلغت لا تأمل من دهرها أكثر
من أن تكون زوجة سعيدة، وأماً .


والرابع
:

أني لم أبتغ الجمال وأجعله هو الشرط اللازم الكافي

كما يقول علماء الرياضيات ،
لعلمي أن الجمال ظل زائل لا يذهب جمال الجميلة ،
ولكن يذهب شعورك به ، وانتباهك إليه ،

لذلك نرى من الأزواج من يترك امرأته الحسناء ،
ويلحق من لسن على حظ من الجمال ،

ومن هنا
صحت في شريعة إبليس قاعدة الفرزدق
وهو من كبار أئمة الفسوق ،
حين قال لزوجته النوار
في القصة المشهورة :
ما أطيبك حراماً وأبغضك حلالاً .


والخامس
:
إن صلتي بأهل المرأة لم يجاوز إلى الآن ،

بعد مرور قرن من الزمان ، الصلة الرسمية ،
الود والاحترام المتبادل ، وزيارة الغب ،
ولم أجد من أهلها ما يجد الأزواج من الأحماء
من التدخل في شؤونهم ، وفرض الرأي عليهم ،

ولقد كنا نرضى ونسخط كما يرضى كل زوجين ويسخطان ،
فما تدخل أحد منهم يوماً في رضانا ولا سخطنا

ولقد نظرت اليوم
في أكثر من عشرين ألف قضية خلاف زوجي ،

وصارت لي خبرة أستطيع أن أؤكد القول معها
بأنه لو ترك الزوجان المختلفان ،
ولم يدخل بينهما أحد من الأهل ولا من أولاد الحلال ،
لانتهت بالمصالحة ثلاثة أرباع قضايا الزواج .


والسادس
:
أننا لم نجعل بداية
أيامنا عسلاً كما يصنع أكثر الأزواج ،
ثم يكون باقي العمر حنظلاً مراً ؛
وسماً زعافاً ،
بل أريتها من أول يوم أسوأ ما عندي ،
حتى إذا قبلت مضطرة به

، وصبرت محتسبة عليه ، عدت أريها من حسن خلقي ،
فصرنا كلما زادت حياتنا
الزوجية يوماً زادت سعادتنا قيراطاً .


والسابع

: أنها لم تدخل جهازاً وقد اشترطت هذا ،
لأني رأيت أن الجهاز من أوسع أبواب الخلاف بين الأزواج ،

فإما أن يستعمله الرجل ويستأثر به فيذوب قلبها خوفاً عليه ،
أو أن يسرقه
ويخفيه ، أو أن تأخذه بحجز احتياطي
في دعوى صورية فتثير بذلك الرجل .



والثامن
:
أني تركت ما لقيصر
لقيصر ،
فلم أدخل في شؤونها من ترتيب الدار وتربية الأولاد ،
وتركت هي
لي ما هو لي ، من الإشراف والتوجيه ،
وكثيراً ما يكون سبب الخلاف
لبس
المرأة عمامة الزوج وأخذها مكانه ،
أو لبسه هو صدار المرأة ومشاركتها الرأي في

طريقة كنس الدار ،
وأسلوب تقطيع الباذنجان ،
ونمط تفصيل الثوب .



والتاسع
:
أني لا أكتمها أمراً ولا تكتمني ،
ولا أكذب عليها ولا تكذبني ،
أخبرها بحقيقة وضعي المالي ،
وآخذها إلى كل مكان أذهب إليه أو أخبرها به ،
وتخبرني بكل مكان تذهب هي إليه ،
وتعود أولادنا الصدق والصراحة ،
واستنكار الكذب والاشمئزاز منه .


ولست

والله أطلب من الإخلاص والعقل والتدبير
أكثر مما أجده عندها :
فهي من النساء الشرقيات اللائي يعشن للبيت لا لأنفسهن ،
للرجل والأولاد ، تجوع لنأكل نحن ،
وتسهر لننام ، وتتعب لنستريح ،
وتفنى لنبقى ،
هي أول أهل الدار قياماً ، وآخرهم مناماً ،
لا تنثني تنظف وتخيط وتسعى وتدبر ،
همها إراحتي وإسعادي .

إن
كنت أكتب ، أو كنت نائماً أسكتت الأولاد ،
وسكنت الدار ، وأبعدت عني كل منغص أو مزعج .

تحب
من أحب ، وتعادي من أعادي ،
وإن كان حرص النساء على إرضاء الناس
فقد كان حرصها على إرضائي ،
وإن كان مناهن حلية أو كسوة
فإن أكبر مناها
أن تكون لنا دارنملكها نستغني بها عن بيوت الكراء .


تحب
أهلي ، ولا تفتأ تنقل إلي كل خير عنهم ،
إن قصرت في بر أحد منهم دفعتني ،
وإن نسيت ذكرتني ،
حتى إني لأشتهي يوماً أن يكون بينها وبين أختي خلاف
كالذي يكون في بيوت الناس ، أتسلى به ،

فلا أجد إلا الود والحب ، والإخلاص من الثنتين ،
والوفاء من الجانبين !!.


إنها

النموذج الكامل للمرأة الشرقية ،
التي لا تعرف في دنياها إلا زوجها وبيتها ،
والتي يزهد بعض الشباب فيها ،
فيذهبون إلى أوربا أو أميركا ليجيئوا بالعلم
فلا يجيئون إلا بورقة في اليد ،
وامرأة تحت الإبط ،
امرأة يحملونها يقطعون بها نصف
محيط الأرض أو ثلثه أو ربعه ،
ثم لا يكون لها من الجمال ،
ولا من الشرف ولا من الإخلاص
ما يجعلها تصلح خادمة للمرأة الشرقية ،
ولكنه فساد الأذواق وفقد العقول ،
واستشعار الصغار وتقليد الضعيف للقوي .


يحسب
أحدهم أنه إن تزوج امرأة من أمريكا
أو أي امرأة عاملة في شباك السينما ،أو في مكتب الفندق ،
فقد صاهر طرمان ، وملك ناطحات السحاب ،
وصارت له القنبلة الذرية ،
ونقش اسمه على تمثال الحرية !!.


إن
نساءنا خير نساء الأرض ،
وأوفاهن لزوج ، وأحناهن على ولد ،
وأشرفهن نفساً ، وأطهرهن ذيلاً ،
وأكثرهن طالعة امتثالاً وقبولاً ،
لكل نصحٍ نافع وتوجيه سديد .


وإني

ما ذكرت بعض الحق في مزايا زوجتي
إلا لأضرب المثل من نفسي على السعادة التي يلقاها
زوج المرأة العربية
( وكدت أقول الشامية المسلمة )
لعل الله يلهم أحداً من العزاب القراء العزم على الزواج
فيكون الله قد هدى بي ، بعد أن هداني


اختكم /
هيفولا
;)



All times are GMT +3. The time now is 06:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.