![]() |
صيد الخاطر لابن الجوزي - فضول الدنيا
صيد الخاطر لابن الجوزي - فضول الدنيا تأملت أحوال الفضلاء ، فوجدتهم ـ في الأغلب ـ قدبخسوا من حظوظ الدنيا ، و رأيت الدنيا غالباً ـ في أيدي أهل النقائص . فنظرت في الفضلاء ، فإذا هم يتأسفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص ، و ربما تقطع بعضهم أسفاً على ذلك . فخاطبت بعض المتأسفين فقلت له ، و يحك تدبر أمرك ، فإنك غالطمن وجوه : أحدها : أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا ، فاجتهد في طلبها تربحالتأسف على فوتها ، فإن قعودك ـ متأسفاً على ما ناله غيرك ، مع قصور اجتهادك ـ غايةالعجز . الثاني : أن الدنيا إنما تراد لتعبر لا لتعمر ، وهذا هو الذي يدلكعليه علمك ويبلغه فهمك . و ما يناله أهل النقص من فضولها يؤذي أبدانهم وأديانهم . فإذا عرفت ذلك ثم تأسفت على فقد ما فقده أصلح لك ، كان تأسفك عقوبةلتأسفك على ما تعلم المصلحة في بعده ، فاقنع بذلك عذاباً عاجلاً إن سلمت من العذابالآجل . و الثالث : أنك قد علمت بخس حظ الآدمي في الجملة ، من مطاعم الدنياو لذاتها بالإضافة إلى الحيوان البهيم ، لأنه ينال ذلك أكثر مقداراً ، مع أمن و أن تتناله مع خوف ، و قلة مقدار . فإذا ضوعف حظك من ذلك كان ذلك لاحقاً بالحيوان البهيم ، من جهة أنه يشغله ذلك عن تحصيل الفضائل . و تخفيف المؤن يحث صاحبه على نيل المراتب . فإذا آثرت الفضول مع قلة الفضول ـ عدت على ما علمت بالإزراء ، فشنت علمك، و دللت على اختلاط رأيك |
All times are GMT +3. The time now is 08:44 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.