![]() |
درس اليوم 4870
من:إدارة بيت عطاء الخير http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641 درس اليوم معنى اسم الله التواب (08) وَإِذَا قَالَ القَائِلُ: فَالتَّوْبَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ ذَنْبٍ، وَالاسْتِغْفَارُ كَذَلِكَ؟ قِيلَ لَه: الذَّنْبُ الذِي يَضُرُّ صَاحِبَهُ هُوَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ، فَأَمَّا مَا حَصَلَ مِنْهُ تَوْبَةٌ فَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ قَبْلَ الخَطِيئَةِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانَ داود بَعْدَ التَّوْبَةِ أَحْسَنَ مِنْهُ حَالًا قَبْلَ الخَطِيئَةِ، وَلَوْ كَانَتِ التَّوْبَةُ مِنَ الكُفْرِ وَالكَبَائِرِ: فَإِنَّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ هُمْ خِيَارُ الخَلِيقَةِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا صَارُوا كَذَلِكَ بِتَوْبَتِهِم مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ وَالذُّنُوبِ، وَلَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ التَّوْبَةِ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا، بَلْ لَمَّا تَابُوا مِنْ ذَلِكَ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانُوا أَعْظَمَ إِيمَانًا، وَأَقْوَى عِبَادَةً وَطَاعَةً مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُم فَلَمْ يَعْرِفِ الجَاهِليَةَ كَمَا عَرِفُوهَا. وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ: "إِنَّمَا تُنْقَضُ عُرَى الإِسْلاَمِ عُروةً عُروةً إِذَا نَشَأَ فِي الإِسْلاَمِ مِنْ لَمْ يَعْرِفِ الجَاهِلِيَّةَ". وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان: 68 - 70]. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ اللهَ يُحَاسِبُ عَبْدَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيعْرِضُ عَلَيْهِ صِغَارَ الذُّنُوبِ وَيُخَبِّأُ عَنْهُ كِبَارَهَا فَيَقُولُ: فَعَلْتَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبَّ! وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِهَا أَنْ تَظْهَرَ، فَيَقُولُ: إِنّي قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ، وَأَبْدَلْتُكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَهُنَالِكَ يَقُولُ: رَبِّ إِنَّ لِي سَيِّئَاتٍ مَا أَرَاهَا بَعْدُ". فَالعَبْدُ المُؤْمِنُ إِذَا تَابَ وَبَدَّلَ اللهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ انقَلَبَ مَا كَانَ يَضُرُّهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ بِسَبَبِ تَوْبَتِهِ حَسَنَاتٍ يَنْفَعُهُ اللهُ بِهَا، فَلَمْ تَبْقَ الذُّنُوبُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُضِرَّةٌ لهُ، بَلْ كَانَتْ توبَتُهُ مِنْهَا مِنْ أَنْفَعِ الأُمُورِ لَهُ، وَالاعْتِبَارُ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِنَقْصِ البِدَايَةِ، فَمَنْ نَسِيَ القُرْآنَ ثُمَّ حَفِظَهُ خَيْرًا مِنْ حِفْظِهِ الأَوَّلِ لَمْ يَضُرُّهُ النِّسْيَانُ، وَمَنْ مَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ لَمْ يَضُرُّهُ المَرَضُ العَارِضُ. وَاللهُ تَعَالَى يَبْتَلِي عبدَهُ المُؤْمنَ بِمَا يَتُوبُ مِنْهُ، لِيحصُلَ لَهُ بِذَلِكَ مِنْ تَكْمِيلِ العُبُودِيَّةِ والتَّضَرُعِ، والخُشُوعِ للهِ والإنَابَةِ إِلَيْهِ، وَكَمَالِ الحَذَرِ فِي المستقبَلِ والاجتهَادِ فِي العِبَادَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ بدُونِ التَّوْبَةِ، كَمَن ذَاقَ الجُوعَ والعَطَشَ، والمرضَ والفَقْرَ والخَوْفَ، ثُمَّ ذَاقَ الشِّبَعَ والرِّيَّ والعَافِيَةَ والغِنَى والأمنَ، فإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ المَحَبَّةِ لِذَلِكَ وَحَلاَوَتِهِ ولذتِهِ، والرغبَةِ فِيهِ وَشُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ، والحَذَرِ أَنْ يَقَعَ فِيمَا حَصَلَ أَوَّلًا مَا لَمْ يَحْصُلِ بِدُونِ ذَلِكَ، وَقَدْ بُسِطَ الكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ المَوْضِعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ التَّوْبَةَ لاَ بُدَّ مِنْهَا لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، وَلَا يَكْمُلُ أَحدٌ وَيحصُلُ لَهُ كَمَالُ القُرْبِ مِنَ اللهِ، وَيَزُولُ عَنْهُ كُلُّ مَا يَكْرَهُ إلَّا بِهَا. أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين |
All times are GMT +3. The time now is 03:44 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.