الأخت /نايفة عويمر
لمن لم يعيش قبل 40 عام
زمان كانت أسماؤنا أحلى والنساء أكثر أنوثة
ورائحة الباميةتتسرب من شبابيك البيوت
وساعة الجوفيال في يد الأب العجوز أغلى أجهزة البيت سعراً وأكثرها حداثة
وحبات المطر أكثر اكتنازاً بالماء
زمان كانت أخبار الثامنة على المذياع أقلّ دموية والصحف تنشر كل أسماء
كان المزراب يخزّن ماء الشتاء في البراميل .
وكُتّاب القصة ينشرون مجموعات مشتركة
زجاجية هشّة تسمى مطبقانيات
والجارة تمدّ يدها فجرا من خلف الباب بكوب شاي ساخن للزبّال
فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار .

ولم نكن نعرف بعد أن هناك فاكهة تتطابق بالاسم مع منظف الأحذية
الكيوي وأننا يوماً ما سنخلع جهاز الهاتف من شروشه ونحمله في جيوبنا
كانت القضامة المالحة توصف علاجاً للمغص والأولاد يقبّلون يد الجار
والبوط الصيني في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين
كانت أخبار الأسبوع لصاحبها عبد الحفيظ محمد أهم الصحف وأجرأها
والتلفزيون يغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم .
حين كانت أقلام البك الأحمر هي الوسيلة الوحيدة للتعبير قبل
وعندما كانت المكتبات تبيع دفاتر خاصة للرسائل اوراقها مزوّقة بالورد .
كانت جوازات السفر تكتب بخط اليد، والسفر الى الشام بالقطار
وقمصان النص كم للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيبا وتخدش الحياء !
كانت البيوت تكاد لا تخلو من فرن ابو ذان وأبو حجر الحديدي
والأمهات يعجنّ الطحين في الفجر ليخبزنه في الصباح
والأغنام تدق بأجراسها أن بائع الحليب صار في الحي .
ومباريات محمد علي كلاي تجمعهم في سهرات الثلاثاء
كانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر أبو خط أحمروزن مئة كيلو جرام والأمهات
والقرشلّة يحملها الناس لزيارة المرضى .
كان الانترنت رجماً بالغيب لم يتوقعه أحذق العرّافين
أما الماسنجر فلو حملته للناس لصار لك أتباع .
حين كان مذاق الأيام أشهى ومذاق الشمس في أفواهنا أطيب والبرد يجعل
أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفركونها ببعضها .
كانت لهجات الناس أحلى وقلوبهم أكبر وطموحاتهم بسيطة ومسكينة
الموظفون ينامون قبل العاشرة والحزبيون يلتقون سراً
والزوجة في يوم الجمعة تخبئ كبدة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج
الشمس كانت أكثر صرامة في التعامل مع الصائمين والثلج لم يكن يخلف
كانت الحياة أكثر فقرا وبرداً وجوعاً لكنها كانت دائما خضراء !
و تسألني يا صاحبي:
ليش تغيّر طعمُ التفاح ؟