( ممَا جَاءَ فِي : كَرَاهِيَةِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُغِيبَاتِ)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ
عَنْ أَبِي الْخَيْرِ رضى الله تعالى عنهم
عَنْعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضى الله تعالى عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ
( إِيَّاكُمْ وَ الدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ
قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ )
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ عُمَرَ وَ جَابِرٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ إِنَّمَا مَعْنَى كَرَاهِيَةِ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ
وَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْحَمْوُ يُقَالُ هُوَ أَخُو الزَّوْجِ كَأَنَّهُ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا .
جَمْعُ الْمُغِيبَةِ بِضَمِّ الْمِيمِ ، ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ، ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ،
ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَنْ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا يُقَالُ أَغَابَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إِذَا غَابَ زَوْجُهَا .
قَوْلُهُ : ( إِيَّاكُمْ وَ الدُّخُولَ )
بِالنَّصْبِ عَلَى التَّحْذِيرِ ، وَ هُوَ تَنْبِيهٌ لَهُمْ لِلْمُخَاطَبِ عَلَى مَحْذُورٍ لِيَحْتَرِزَ عَنْهُ
كَمَا قِيلَ إِيَّاكَ وَ الْأَسَدَ ، و قَوْلُهُ إِيَّاكُمْ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ : اتَّقُوا ، و تَقْدِيرُ الْكَلَامِ .
اتَّقُوا أَنْفُسَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاءِ ، وَ النِّسَاءَ أَنْ يَدْخُلْنَ عَلَيْكُمْ ،
و فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاءِ
وَ تَضَمَّنَ مَنْعُ الدُّخُولِ مَنْعَ الْخَلْوَةِ بِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى
( أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَ سُكُونِ الْمِيمِ وَ بِالْوَاوِ ،
قَالَ فِي الْقَامُوسِ حَمْوُ الْمَرْأَةِ وَ حَمُوهَا وَ حَمُهَا وَ حَمْؤُهَا أَبُو زَوْجِهَا وَ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ ،
وَ الْأُنْثَى حَمَاةٌ وَ حَمْوُ الرَّجُلِ أَبُو امْرَأَتِهِ ، أَوْ أَخُوهَا ، أَوْ عَمُّهَا ،
أَوِ الْأَحْمَاءُ مِنْ قِبَلِهَا خَاصَّةً . انْتَهَى ،
قَالَ النَّوَوِيُّ : الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَقَارِبُ الزَّوْجِ غَيْرُ آبَائِهِ وَ أَبْنَائِهِ ؛
لِأَنَّهُمْ مَحَارِمُ الزَّوْجَةِ يَجُوزُ لَهُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا ، وَ لَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ ،
قَالَ : وَ إِنَّمَا الْمُرَادُ الْأَخُ ، وَ ابْنُ الْأَخِ وَ الْعَمُّ ، وَ ابْنُ الْعَمِّ ، وَ ابْنُ الْأُخْتِ وَ نَحْوُهُمْ .
مِمَّا يَحِلُّ لَهُ تَزْوِيجُهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً ،
و جَرَتِ الْعَادَةُ بِالتَّسَاهُلِ فِيهِ فَيَخْلُو الْأَخُ بِامْرَأَةِ أَخِيهِ فَشُبِّهَ بِالْمَوْتِ ،
وَ هُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ . انْتَهَى .
قُلْتُ : مَا قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَ بِهِ جَزَمَ التِّرْمِذِيُّ ،
وَ غَيْرُهُ وَ زَادَ ابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ : سَمِعْتُ اللَّيْثَ
يَقُولُ الْحَمْوُ : أَخُو الزَّوْجِ ، وَ مَا أَشْبَهَ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ وَ ابْنِ الْعَمِّ وَ نَحْوِهِ .
( قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ :
الْمَعْنَى أَنَّ دُخُولَ قَرِيبِ الزَّوْجِ عَلَى امْرَأَةِ الزَّوْجِ يُشْبِهُ الْمَوْتَ فِي الِاسْتِقْبَاحِ وَ الْمَفْسَدَةِ أَيْ :
فَهُوَ مُحَرَّمٌ مَعْلُومُ التَّحْرِيمِ ، و إِنَّمَا بَالَغَ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَ شَبَّهَهُ بِالْمَوْتِ لِتَسَامُحِ النَّاسِ
بِهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَ الزَّوْجَةِ لِإِلْفِهِمْ بِذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنَ الْمَرْأَةِ .
فَخَرَجَ هَذَا مَخْرَجَ قَوْلِ الْعَرَبِ الْأَسَدُ الْمَوْتُ ، وَ الْحَرْبُ الْمَوْتُ ، أَيْ : لِقَاؤُهُ يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ ،
و كَذَلِكَ دُخُولُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَدْ يُفْضِي إِلَى مَوْتِ الدِّينِ أَوِ الَى مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا
عِنْدَ غَيْرَةِ الزَّوْجِ أَوِ الَى الرَّجْمِ إِنْ وَقَعَتِ الْفَاحِشَةُ .
قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنْعُمَرَ)
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانَ،
( وَ جَابِرٍ ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ ،
و أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَلَا لَا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ
إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا ، أَوْ ذَا مَحْرَمٍ
( وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ،
و فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ لَا يَدْخُلُ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ ،
وَ لَا يُسَافِرُ مَعَهَا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
قَوْلُهُ : ( عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ :
لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ )
هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ
مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ :
( إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانَ ) بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَ نَصْبِ الثَّانِي وَ يَجُوزُ الْعَكْسُ وَ الِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ ،
و الْمَعْنَى يَكُونُ الشَّيْطَانُ مَعَهُمَا يُهَيِّجُ شَهْوَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يُلْقِيهِمَا فِي الزِّنَا .