كَرَاهِيَةِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُغِيبَاتِ .. 2 منه)
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ
عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ رضى الله تعالى عنهم
عَنْجَابِرٍرضى الله تعالى عنه
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ
( لَا تَلِجُوا عَلَى الْمُغِيبَاتِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ
قُلْنَا وَ مِنْكَ قَالَ وَ مِنِّي وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ )
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَ قَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ وَ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ يَقُولُ
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ يَعْنِي أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ قَالَ سُفْيَانُ وَ الشَّيْطَانُ لَا يُسْلِمُ
وَ لَا تَلِجُوا عَلَى الْمُغِيبَاتِ وَ الْمُغِيبَةُ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَكُونُ زَوْجُهَا غَائِبًا
وَ الْمُغِيبَاتُ جَمَاعَةُ الْمُغِيبَةِ .
قَوْلُهُ : ( لَا تَلِجُوا )
مِنَ الْوُلُوجِ أَيْ : لَا تَدْخُلُوا
( عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ ) أَيْ : الْأَجْنَبِيَّاتِ اللَّاتِي غَابَ عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ
( فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ ) أَيْ : أَيُّهَا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ
( مَجْرَى الدَّمِ ) فَفَتْحُ الْمِيمِ أَيْ : مِثْلُ جَرَيَانِهِ فِي بَدَنِكُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُ ،
قَالَ في الْمَجْمَعُ : يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ بِأَنْ جُعِلَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْجَرْيِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ
وَ يَحْتَمِلُ الِاسْتِعَارَةَ لِكَثْرَةِ وَسْوَسَتِهِ
( قُلْنَا وَ مِنْكَ ) أَيْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
( قَالَ وَ مِنِّي ) أَيْ : وَ مِنِّي أَيْضًا
( فَأَسْلَمَ ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي أَيْ : اسْتَسْلَمَ وَ انْقَادَ ، وَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ : أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ ،
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ : وَ هُمَا رِوَايَتَانِ مَشْهُورَتَانِ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِيمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍمِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ )
قَالَ الْحَافِظُ مُجَالِدٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَ تَخْفِيفِ الْجِيمِ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ بِسُكُونِ الْمِيمِ
أَبُو عَمْرٍو الْكُوفِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، وَ قَدْ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ
( وَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ ) بِالْخَاءِ وَ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ
بِوَزْنِ جَعْفَرٍ شَيْخِ التِّرْمِذِيِّ وَ تِلْمِيذِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، ثِقَةٌ
( يَعْنِي : فَأَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ ) يَعْنِي : قَوْلَهُ فَأَسْلَمُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُتَكَلِّمِ
( قَالَ سُفْيَانُ فَالشَّيْطَانُ لَا يُسْلِمُ ) يَعْنِي : قَوْلَهُ فَأَسْلَمُ لَيْسَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي
حَتَّى يَثْبُتَ إِسْلَامُ الشَّيْطَانِ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يُسْلِمُ ، قَالَ فِي الْمَجْمَعِ ،
وَ هُوَ ضَعِيفٌ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،
فَلَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُهُ مِنْ فَضْلِهِ بِإِسْلَامِ قَرِينِهِ . انْتَهَى ،
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ : وَ مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا وَ مَعَهُ شَيْطَانٌ ،
قِيلَ : وَ مَعَكَ ؟ قَالَ نَعَمْ ، و لَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ ،
و فِي رِوَايَةٍ حَتَّى أَسْلَمَ أَيْ : انْقَادَ وَ اسْتَسْلَمَ وَ كَفَّ عَنْ وَسْوَسَتِي ،
و قِيلَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ فَسَلِمْتُ مِنْ شَرِّهِ ، وَ قِيلَ إِنَّمَا هُوَ فَأَسْلَمُ بِضَمِّ الْمِيمِ
عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَيْ : أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ وَ مِنْ شَرِّهِ ،
و يَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ الْحَدِيثُ الْآخَرُ كَانَ شَيْطَانُ آدَمَ كَافِرًا وَ شَيْطَانِي مُسْلِمًا . انْتَهَى .
قُلْتُ : لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ لَكَانَ شَاهِدًا قَوِيًّا لِلْأَوَّلِ وَ إِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى سَنَدِهِ ،
وَ لَا عَلَى مَنْ أَخْرَجَهُ .