( ممَا جَاءَ فِي : طلاق السنة)
الحلقة الأولى من كتاب الطلاق و اللعان
عن ماورد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
حدثناقتيبةحدثناحماد بن زيدعنأيوبعنمحمد بن سيرين
عن يونس بن جبير رضى الله تعالى عنهم قال
[سألتابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن رجل طلق امرأته و هي حائض
فقال هل تعرفعبد الله بن عمر فإنه طلق امرأته و هي حائض
فسألعمر النبي صلى الله عليه و سلم فأمره أن يراجعها
قال قلت فيعتد بتلك التطليقة قال فمه أرأيت إن عجز و استحمق ]
الطلاق في اللغة : حل الوثاق مشتق من الإطلاق ، و هو الإرسال و الترك ،
و في الشرع حل عقدة التزويج فقط ، و هو موافق لبعض أفراد مدلوله اللغوي ،
قال إمام الحرمين : هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره
و طلقت المرأة بفتح الطاء و ضم اللام و فتحها أيضا ،
و هو أفصح و طلقت أيضا بضم أوله ، و كسر اللام الثقيلة فإن خففت فهو خاص بالولادة ،
و المضارع فيهما بضم اللام ، و المصدر في الولادة طلقا ساكنة اللام فهي طالق فيهما ،
كذا في فتح الباري ، و اللعان مصدر لاعن يلاعن ملاعنة و لعانا ، و هو مشتق من اللعن ،
و هو الطرد و الإبعاد لبعدهما من الرحمة ، أو لبعد كل منهما عن الآخر ، و لا يجتمعان أبدا ،
و اللعان- معناه – و الالتعان و الملاعنة بمعنى ، و يقال تلاعنا و التعنا ،
و هو شرعا عبارة عن شهادات مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن
قائمة مقام حد القذف في حقه و حد الزنا في حقها إذا تلاعنا سقط حد القذف عنه و حد الزنا عنها ،
كذا فسر العلماء الحنفية ، و الأصل فيه
{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم
فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين
والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين
ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين } .
قال الإمامالبخاريفي صحيحه :
طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع و يشهد شاهدين ،
قال الحافظ في الفتح : روى الطبريبسند صحيح عنابن مسعودفي
قال : في الطهر من غير جماع ، و أخرجه عن جمع من الصحابة و من بعدهم كذلك .
قيل هذه جملة من المبتدأ و الخبر فالمطابقة بينهما شرط ،
و أجيب بأن الصفة إذا كانت خاصة بالنساء فلا حاجة إليها ، كذا في عمدةالقاري .
(فقال ) أي : ابن عمررضي الله تعالى عنهما
( هل تعرفعبد الله بن عمر)إنما قال له ذلك مع أنه يعرفه ،
و هو الذي يخاطبه ليقرره على اتباع السنة و على القبول من ناقلها ،
و أنه يلزم العامة الاقتداء بمشاهير العلماء فقرره على ما يلزمه من ذلك ،
لا أنه ظن أنه لا يعرفه ، قاله الحافظ ، و غيره ،
( فإنه ) أي : عبد الله بن عمررضي الله تعالى عنهما
( طلق امرأته ) اسمهاآمنة بنت غفار، قالهالنوويفي تهذيبه ،
و قيل بنتعماربفتح العين المهملة و تشديد الميم و وقع في مسند أحمد
أن اسمها نوار بفتح النون ، قال الحافظ : و يمكن الجمع بأن يكون اسمهاآمنة،
( فأمره أن يراجعها ) و في رواية أوردها صاحب المشكاة عن الصحيحين :
فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم
قالالقاري : فيه دليل على حرمة الطلاق في الحيض ؛
لأنه صلى الله عليه و سلم لا يغضب بغير حرام .
( قال قلت ) أي : قال يونس بن جبير قلتلابن عمررضي الله تعالى عنهما
( فيعتد ) بصيغة المجهول أي : يحتسب
( قال ) أي : ابن عمررضي الله تعالى عنهما
( فمه ) أصله فما ، و هو استفهام فيه اكتفاء ، أي : فما يكون إن لم تحتسب ،
و يحتمل أن تكون الهاء أصلية ، و هي كلمة تقال للزجر أي :
كف عن هذا الكلام فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك ،
قالابن عبد البر : قولابن عمر : فمه . معناه فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها ؟
إنكارا لقول السائل أيعتد بها ؟ فكأنه قال و هل من ذلك بد
( أرأيت إن عجز و استحمق ) القائل لهذا الكلام هوابن عمر رضي الله تعالى عنهما
صاحب القصة ، و يريد به نفسه ، و إن أعاد الضمير بلفظ الغيبة ،
و قد جاء في روايةلمسلمعنابن عمر : ما لي لا أعتد بها ؟
و إن كنت عجزت و استحمقت ،
أي : أخبرني ، قال الحافظ ابن حجر : قوله أرأيت إن عجز و استحمق أي :
إن عجز عن فرض لم يقمه أو استحمق فلم يأت به يكون ذلك عذرا له ؟
و قال الخطابي : في الكلام حذف أي : أرأيت إن عجز و استحمق أيسقط عنه الطلاق حمقه ،
أو يبطله عجزه ؟ و حذف الجواب لدلالة الكلام عليه .