( ممَا جَاءَ فِي : طلاق السنة .. 2 منه)
حَدَّثَنَاهَنَّادٌحَدَّثَنَاوَكِيعٌعَنْسُفْيَانَعَنْمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِمَوْلَى آلِطَلْحَةَ
عَنْسَالِمٍعَنْ أَبِيهِرضى الله تعالى عنهم أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي الْحَيْضِ
فَسَأَلَعُمَرُ رضى الله تعالى عنه
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَقَالَ
( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا )
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْابْنِ عُمَرَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ كَذَلِكَ حَدِيثُسَالِمٍعَنْابْنِ عُمَرَ
وَ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ غَيْرِهِمْ
أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا
وَ هِيَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا وَ هُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّوَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَكُونُ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ إِلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَ هُوَ قَوْلُسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
وَ إِسْحَقَوَ قَالُوا فِي طَلَاقِ الْحَامِلِ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ
وَ هُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّوَ أَحْمَدَوَ إِسْحَقَوَ قَالَ بَعْضُهُمْ يُطَلِّقُهَا عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ تَطْلِيقَةً .
قَوْلُهُ : ( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا )
اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الرَّجْعَةِ- في طلاق الحائض - فَذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ ،وَ أَحْمَدُفِي رِوَايَةٍ ،
وَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ ، وَ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ ،
وَ ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا ، قَالَهُالْعَيْنِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ .
قُلْتُ : وَ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ لَا يَجِبُ ، فَاسْتِدَامَتُهُ كَذَلِكَ ،
و الظَّاهِرُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا
( ثُمَّ لِيُطَلِّقَهَا طَاهِرًا ، أَوْ حَامِلًا ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ طَلَاقَ الْحَامِلِ سُنِّيٌّ ،
وَ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، و عَنْأَحْمَدَرِوَايَةٌ : أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ ، وَ لَا بِدْعِيٍّ ،
و اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ " طَاهِرًا " هَلِ الْمُرَادُ بِهِ انْقِطَاعُ الدَّمِ ، أَوِ التَّطَهُّرُ بِالْغُسْلِ ؟
عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْأَحْمَدَ،
و الرَّاجِحُ الثَّانِي لِمَا فِي رِوَايَةٍ عِنْدَالنَّسَائِيِّفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ،
قَالَ : مُرْعَبْدَ اللَّهِفَلْيُرَاجِعْهَا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الْأُخْرَى فَلَا يَمَسَّهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا ،
وَ إِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا فَلْيُمْسِكْهَا، قَالَهُ الْحَافِظُ .
قَوْلُهُ ( حَدِيثُ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِابْنِ عُمَرَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِلَخْ )
حَدِيثُابْنِ عُمَرَهَذَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَ لَهُ طُرُقٌ وَ أَلْفَاظٌ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ،
وَ هِيَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسُّنَّةِ أَيْضًا ، وَ هُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّ،وَ أَحْمَدَ)
قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ
اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مُبَاحٌ ، وَ لَا يَكُونُ بِدْعَةً ؛
لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ سَأَلَ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ مَا أَرَدْتَ بِهَا ؟
وَ لَمْ يَنْهَهُ أَنْ يُرِيدَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ، و هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ،
و فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ ، و أَمَّا عَلَى كَوْنِهِ مُبَاحًا ، أَوْ حَرَامًا فَلَا .
انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ .
قُلْتُ : حَدِيثُ رُكَانَةَ هَذَا ضَعِيفٌ مُضْطَرِبٌ كَمَا سَتَقِفُ فَهُوَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ
عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مُبَاحٌ ، وَ لَا عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ ،
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ : وَ اخْتَلَفُوا فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ فَقَالَ مَالِكٌ : طَلَاقُ السُّنَّةِ - معناه -
أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً ،
ثُمَّ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ،
وَ هُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : هَذَا أَحْسَنُ مِنَ الطَّلَاقِ ،
وَ هُوَ مَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا طَلَّقَهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ ،
وَ هُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَ أَشْهَبَ وَ زَعَمَ الْمِرْغِينَانِيُّ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ
عِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ حَسَنٌ ، وَ أَحْسَنُ ، وَ بِدْعِيٌّ . فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ،
وَ هِيَ مَدْخُولٌ بِهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ، وَ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ،
و الْحَسَنُ ، وَ هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ ، وَ هُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ ،
و الْبِدْعِيُّ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ،
أَوْ ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ ،
وَ كَانَ عَاصِيًا . انْتَهَى كَلَامُ الْعَيْنِيِّ .