قَوْلُهُ : ( فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
مِنْهُمْعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : هِيَ وَاحِدَةٌ ،
وَ هُوَ قَوْلُعُمَرَوَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ وَ مَنْ بَعْدَهُمْ )
يَعْنِي : إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَفَارَقَتْهُ فَهِيَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ ،
و لَمْ يُصَرِّحْالتِّرْمِذِيُّبِأَنَّ هَذِهِ الْوَاحِدَةَ بَائِنَةٌ ، أَوْ رَجْعِيَّةٌ ،
و عِنْدَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ .
رَوَىمُحَمَّدٌفِي مُوَطَّئِهِ عَنْخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍعَنْزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍأَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَهُ
فَأَتَاهُ بَعْضُ بَنِي أَبِي عَتِيقٍ ، وَ عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ . فَقَالَ لَهُ : مَا شَأْنُكَ ؟
فَقَالَ مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَفَارَقَتْنِي فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ ؟
قَالَ لَهُزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : ارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ ، وَ أَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا ،
و قَالَ الْإِمَامُمُحَمَّدٌ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى مَا نَوَى الزَّوْجُ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ،
وَ هُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ ، و إِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ ،
و هُوَ قَوْلُأَبِي حَنِيفَةَوَ الْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا . انْتَهَى كَلَامُهُ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَالَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ )
أَيْ : الْحُكْمُ مَا نَوَتْ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ، أَوْ بَائِنَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَوْ ثَلَاثًا ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهَا ،
و هُوَ قَوْلُعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُمُحَمَّدٌفِي مُوَطَّئِهِ ،
و قَدْ عَرَفْتَ قَوْلَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍلِبَعْضِ بَنِي أَبِي عَتِيقٍ : ارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ إِلَخْ .
فَلَعَلَّ عَنْزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍرِوَايَتَيْنِ ، وَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
( وَ قَالَابْنُ عُمَرَ : إِذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا ، وَ أَنْكَرَ الزَّوْجُ ،
وَ قَالَ : لَمْ أَجْعَلْ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إِلَّا فِي وَاحِدَةٍ اسْتُحْلِفَ الزَّوْجُ ،
وَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ )
رَوَى الْإِمَامُمُحَمَّدٌفِي مُوَطَّئِهِ عَنِابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا
فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا فَيَقُولَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ
وَ يَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا فِي عِدَّتِهَا
( وَ ذَهَبَ سُفْيَانُ وَ أَهْلُالْكُوفَةِإِلَى قَوْلِعُمَرَوَ عَبْدِ اللَّهِ)وَ تَقَدَّمَ قَوْلُأَبِي حَنِيفَةَوَ أَصْحَابِهِ
( وَ أَمَّامَالِكُ بْنُ أَنَسٍفقَالَ : الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ ) وَ رَوَىمَالِكٌفِي الْمُوَطَّإِ
عَنْعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِعَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا
فَقَالَتْ : أَنْتَ الطَّلَاقُ ؟ فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَتْ : أَنْتَ الطَّلَاقُ ؟ فَقَالَ : بِفِيكِ الْحَجَرُ ،
ثُمَّ قَالَتْ أَنْتَ الطَّلَاقُ ، فَقَالَ بِفِيكِ الْحَجَرُ فَاخْتَصَمَا إِلَىمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ
فَاسْتَحْلَفَهُ مَا مَلَّكَهَا إِلَّا وَاحِدَةً ، وَ رَدَّهَا إِلَيْهِ ،
قَالَ مَالِكٌ : قَالَعَبْدُ الرَّحْمَنِفَكَانَالْقَاسِمُيُعْجِبُهُ هَذَا الْقَضَاءُ
وَ يَرَاهُ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي ذَلِكَ وَ أَحَبَّهُ إِلَيْهِ . انْتَهَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ ،
قَالَ الشَّيْخُ سَلَامُ اللَّهِ فِي الْمُحَلَّى فِي شَرْحِ الْمُوَطَّا :
قَوْلُهُ وَ هَذَا أَحْسَنُ أَيْ : كَوْنُ الْقَضَاءِ مَا قَضَتْ ، إِلَّا أَنْ يُنْكِرَهَا الزَّوْجُ ،
أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّتِي يُجْعَلُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا ، أَوْ يُمَلَّكُ أَمْرَهَا ، وَ هِيَ الْمُمَلَّكَةُ .
فَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي ثَلَاثًا ، وَ قَالَ : مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ ، بَلِ أَرَدْتُ تَمْلِيكِي لَكِ نَفْسَكِ طَلْقَةً ،
أَوْ طَلْقَتَيْنِ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : مَا أَرَدْتُ بِالتَّمْلِيكِ لَكَ شَيْئًا أَبَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ،
بَلْ يَقَعُ مَا أَوْقَعَتْ هَذَا فِي الْمُمَلَّكَةِ ، و أَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَإِذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا يَقَعُ عِنْدَهُ ثَلَاثٌ ،
وَ إِنْ أَنْكَرَهَا الزَّوْجُ . هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِمَالِكٍ
كَمَا ذَكَرَهُابْنُ أَبِي زَيْدٍوَعِنْدَأَبِي حَنِيفَةَيَقَعُ فِي
( أَمْرُكِ بِيَدِكِ ) عَلَى مَا نَوَى الزَّوْجُ فَإِنْ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ ، و إِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ ،
و فِي اخْتِيَارِي يَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً ، و إِنْ نَوَى الزَّوْجُ ثَلَاثًا ،
و عِنْدَالشَّافِعِيِّيَقَعُ رَجْعِيَّةً فِي الْمُمَلَّكَةِ وَ الْمُخَيَّرَةِ كِلتَيْهِمَا ،
و هُوَ قَوْلُعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ . انْتَهَى مَا فِي الْمُحَلَّى
( وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ ) وَ لَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ ، وَ قَدْ عَرَفْتَ قَوْلَهُ آنِفًا ،
وَ هُوَ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَهُ رَجْعِيَّةً فِي الْمُمَلَّكَةِ وَ الْمُخَيَّرَةِ كِلْتَيْهِمَا .