الكتاب السادس : الإيمان باليوم الآخر .
الباب الثالث : القيامة الكبرى .
الفصل السابع : الشـفـاعـة .
المبحث الثالث : أنـواع الـشـفـاعـة .
القسم الثاني : الشفاعة التي تكون في أمور الدنيا .
النوع الثاني : ما لا يكون في مقدور العبد وطاقته ووسعه .
[ حول طلب الشفاعة من النبي في الدنيا ]
* حول طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه و سلم في الدنيا :
لم يدع صلى الله عليه و سلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا ،
و لا نقل ذلك عنه أحد من أصحابه رضي الله عنهم ،
و لو كان خيرا ، لبلَّغه لأمته ، و دعاهم إليه ،
و لسارع إلى تطبيقه أصحابه الحريصون على الخير ،
فعُلم أن طلب الشفاعة منه الآن منكر عظيم ؛
لما فيه من دعاء غير الله ،و الإتيان بسبب يمنع الشفاعة ،
فإن الشفاعة لا تكون إلا لمن أخلص التوحيد لله .
و من خلال ما سبق يتضح لكل منصف أن الشفاعة المثبتة
هي الشفاعة المتعلقة بإذن الله و رضاه ، لأن الشفاعة كلها ملك له .
و يدخل في ذلك ما أذن الله به من طلب الشفاعة في أمور الدنيا
من المخلوق الحي القادر على ذلك ،
و ينتبه هنا إلى أن هذا النوع إنما جاز لأن الله أذن به ،
و ذلك لأنه ليس فيه تعلقٌ قلبيٌ بالمخلوق
و إنما غاية الأمر أنه سبب كسائر الأسباب التي أذن الشرع باستخدامها .
و أن الشفاعة المنفية هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله ،
لأن غير الله لا يملك الشفاعة و لا يستطيعها حتى يأذن الله له بها ، و يرضى .
فمن طلبها من غيره فقد تعدى على مقام الله ، و ظلم نفسه ،
و عرضها للحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه و سلم يوم القيامة .
نسأل الله العافية و السلامة
و نسأله تعالى بجوده و كرمه أن يُشفِّع فينا عبده و رسوله
سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
آمين