( ممَا جَاءَ فِي : عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا .. 2 منه )
قَالَتْ زَيْنَبُ وَ سَمِعْتُ أُمِّيأُمَّ سَلَمَةَ رضى الله تعالى عنهما تَقُولُ
جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
[ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَ قَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا أَفَنَكْحَلُهَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
( لَا ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا
ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْرًا
وَ قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ)
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضى الله تعالى عنه
وَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضى الله تعالى عنهما
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُزَيْنَبَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ غَيْرِهِمْ
أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَتَّقِي فِي عِدَّتِهَا الطِّيبَ وَ الزِّينَةَ
وَ هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّوَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍوَ الشَّافِعِيِّوَ أَحْمَدَوَ إِسْحَقَ .
(وَ قَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا ) و فِي الْمِشْكَاةِ ، وَ قَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا - قَالَالْقَارِيبِالرَّفْعِ ،
و فِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ قَالَالنَّوَوِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِمُسْلِمٍ : هُوَ بِرَفْعِ النُّونِ ،
و وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ عَيْنَاهَابِالْأَلِفِ ،
قَالَالزَّرْكَشِيُّفِي التَّنْقِيحِ : وَ يَجُوزُ ضَمُّ النُّونِ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْمُشْتَكِيَةُ وَ فَتْحُهَا
فَيَكُونُ فِي اشْتَكَتْ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ ، وَ هِيَ الْمَرْأَةُ الْحَادَّةُ ،
و قَدْ رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ( عَيْنَاهَا ) . انْتَهَى كَلَامُالْقَارِي .
قُلْتُ : وَ قَدْ رَجَّحَ الثَّانِيَ رِوَايَةُالتِّرْمِذِيِّهَذِهِ بِلَفْظِ : وَ قَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا .
( أَفَنَكْحُلُهَا ) بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَ ضَمِّ الْحَاءِ وَ فَتْحِهَا مِنْ بَابِ نَصَرَ وَ مَنَعَ
وَ الضَّمِيرُ الْبَارِزُ إِلَى الِابْنَةِ
( لَا مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي
( كُلُّ ذَلِكَ ) قَالَالْقَارِيبِالنَّصْبِ ، و فِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ
( يَقُولُ لَا ) قَالَابْنُ الْمَلِكِفِيهِ حُجَّةٌلِأَحْمَدَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ
لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا فِي رَمَدٍ ، وَ لَا فِي غَيْرِهِ ،
وَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَمَالِكٍيَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِهِ فِي الرَّمَدِ ،
و قَالَالشَّافِعِيُّ : تَكْتَحِلُ لِلرَّمَدِ لَيْلًا وَ تَمْسَحُهُ نَهَارًا . انْتَهَى .
(إِنَّمَا هِيَ ) أَيْ : عِدَّتُكُنَّ فِي الدِّينِ الْآنَ
( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍوَ عَشْرًا ) بِالنَّصْبِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ ،
و فِي الْمِشْكَاةِعَشْرٌ بِالرَّفْعِ ، قَالَالْقَارِي :
كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ وَ الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِالْمُعْتَمَدَةِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى أَرْبَعَةٍ
( تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ)بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَ فَتْحِهَا ، وَ هِيَ رَوْثُ الْبَعِيرِ ،
قَالَ فِيالْقَامُوسِ : الْبَعْرُ وَ يُحَرَّكُ وَاحِدَتُهُ بِهَاءٍ
( عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ)أَيْ : فِي أَوَّلِ السَّنَةِ ،
قَالَ الْقَاضِي : كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فِيالْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تُوفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْبَيْتًا ضَيِّقًا ،
وَ لَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَ لَمْ تَمَسَّ طِيبًا ، وَ لَاشَيْئًا فِيهِ زِينَةٌ حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ،
ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍحِمَارٍ ، أَوْ شَاةٍ ، أَوْ طَيْرٍ فَتَكْسِرُ بِهَا مَا كَانَتْ فِيهِ مِنَالْعِدَّةِ بِأَنْ تَمْسَحَ بِهَا قُبُلَهَا ،
ثُمَّ تَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِفَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا وَ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَعِدَّتُهَا
فَأَشَارَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا شُرِعَ فِيالْإِسْلَامِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
مِنَ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَأَشْهُرٍ وَ عَشْرًا فِي مَسْكَنِهَا ،
وَ تَرْكِ التَّزَيُّنِ وَ التَّطَيُّبِ فِيتِلْكَ الْمُدَّةِ يَسِيرٌ فِي جَنْبِ مَا تُكَابِدُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُزَيْنَبَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
وَ غَيْرِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَتَّقِي فِي عِدَّتِهَا الطِّيبَ وَ الزِّينَةَ إِلَخْ )
وَ قَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِاكْتِحَالِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ،
وَ حَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الِاكْتِحَالِ لَهَا سَوَاءٌ احْتَاجَتْ إِلَى ذَلِكَ أَمْ لَا ،
وَ جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْمُوَطَّأِ ، وَ غَيْرِهِ :
اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَ امْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ ،
و لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ : فَتَكْتَحِلِينَ بِاللَّيْلِ ، وَ تَغْسِلِينَهُ بِالنَّهَارِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلُّ ،
وَ إِذَا احْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بِالنَّهَارِ ،
وَ يَجُوزُ بِاللَّيْلِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَإِذَا فَعَلَتْ مَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ . انْتَهَى .
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .