( ممَا جَاءَ فِي : كَفَّارَةِ الظِّهَارِ )
حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَعِيلَ الْخَزَّازُ أَنْبَأَنَاعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ
أَنْبَأَنَايَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍأَنْبَأَنَاأَبُو سَلَمَةَوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ
أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ صَخْرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَحَدَبَنِي بَيَاضَةَ جَعَلَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ
حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ فَلَمَّا مَضَى نِصْفٌ مِنْ رَمَضَانَ وَقَعَ عَلَيْهَا لَيْلًا
فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
( أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُهَا
قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ
قَالَ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا أَجِدُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ لِفَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو أَعْطِهِ ذَلِكَ الْعَرَقَ
وَ هُوَ مِكْتَلٌ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أَوْ سِتَّةَ عَشَرَ صَاعًا
إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا )
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ يُقَالُسَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍوَ يُقَالُسَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ .
قَوْلُهُ : ( أَنَّ سَلْمَانَ بْنَ صَخْرٍ الْأَنْصَارِيَّ )
هُوَ سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ
( أَحَدَبَنِي بَيَاضَةَ )بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْسَلْمَانَ
(حَتَّى يَمْضِيَ رَمَضَانُ ) قَالَالطِّيبِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ ظِهَارِ الْمُوَقِّتِ
( وَقَعَ عَلَيْهَا ) أَيْ : جَامَعَهَا ،
وفِي رِوَايَةِ غَيْرِالتِّرْمِذِيِّقَالَ : كُنْتُ امْرَءًا قَدْ أُوتِيتُ فِي جِمَاعِ النِّسَاءِ مَا لَمْ يُؤْتَ غَيْرِي ،
فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ ظَاهَرْتُ مِنَ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَرَقًا مِنْ أَنْ أُصِيبَ فِي لَيْلَتِي شَيْئًا
فَأَتَتَابَعُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُدْرِكَنِي النَّهَارُ ،
وَأَنَا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِعَ فَبَيْنَا هِيَ تَخْدُمُنِي مِنَ اللَّيْلِ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا .
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي ،
وَقُلْتُ لَهُمْ : انْطَلَقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرُهُ بِأَمْرِي .
فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآنٌ ،
أَوْ يَقُولَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَةً يَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهَا ،
وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ ،
فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِلَخْ ( فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ )
و فِي رِوَايَةِ غَيْرِالتِّرْمِذِيِّ : فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي
فَقَالَ لِي صلى الله عليه و سلم :
( ( أَنْتَ بِذَاكَ ؟ ) فَقُلْتُ : أَنَا بِذَاكَ .
فَقَالَ : ( أَنْتَ بِذَاكَ ؟ ) فَقُلْتُ : أَنَا بِذَاكَ
. فَقَالَ : ( أَنْتَ بِذَاكَ ؟ ) قُلْتُ : نَعَمْ هَا أَنَا ذَا ،
فَامْضِ فِيحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَأَنَا صَابِرٌ لَهُ ( أَعْتِقْ رَقَبَةً))
ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُؤْمِنَةً ، وَبِهِ قَالَعَطَاءٌوَالنَّخَعِيُّوَأَبُو حَنِيفَةَ،
وقَالَمَالِكٌوَالشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا لَا يَجُوزُ ، وَلَا يُجْزِئُ إِعْتَاقُ الْكَافِرِ ؛
لِأَنَّ هَذَا مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِمَا فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مِنَ اشْتِرَاطِ الْإِيمَانِ ،
وأُجِيبَ : بِأَنَّ تَقْيِيدَ حُكْمٍ بِمَا فِي حُكْمٍ آخَرَ مُخَالِفٌ لَا يَصِحُّ ،
وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُ اعْتِبَارَ الْإِسْلَامِحَدِيثُمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ
فَإِنَّهُ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِعْتَاقِ جَارِيَتِهِ عَنِ الرَّقَبَةِ الَّتِي عَلَيْهِ
قَالَ لَهَا : " أَيْنَ اللَّهُ ؟ " قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ " فَقَالَ مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَتْ : رَسُولُ اللَّهِ ،
قَالَ : " فَأَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ " ولَمْ يَسْتَفْصِلْهُ عَنِ الرَّقَبَةِ الَّتِي عَلَيْهِ ،
وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ ، كَذَا فِي النَّيْلِ ، وَغَيْرِهِ ،
قُلْتُ : فِيهِ شَيْءٌ فَتَفَكَّرْ
( قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَاأَسْتَطِيعُ ) ،
وفِي رِوَايَةِ غَيْرِالتِّرْمِذِيِّ : وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَّا فِي الصَّوْمِ
( قَالَ : أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَ لَا أَجِدُ ) فِي رِوَايَةِغَيْرِالتِّرْمِذِيِّ :
وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا وَحْشًا مَالَنَا عَشَاءٌ .
( لِفَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِالْبَيَاضِيِّ الْأَنْصَارِيِّ شَهِدَبَدْرًا،
وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ . رَوَى عَنْهُأَبُو حَازِمٍ التَّمَّارُ
) ذَلِكَ الْعَرَقَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَيُسَكَّنُ
( وَهُوَمِكْتَلٌ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ،
قَالَفِي الْقَامُوسِ : الْمِكْتَلُ كَمِنْبَرٍ زِنْبِيلٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا . انْتَهَى ،
وقَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْعَرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ : زِنْبِيلٌمَنْسُوجٌ مِنْ خُوصٍ ،
وفِي الْقَامُوسِ : عَرَقُ التَّمْرِ الشَّقِيقَةُالْمَنْسُوجَةُ مِنَ الْخُوصِ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ مِنْهُ الزِّنْبِيلُ ،
أَوْالزِّنْبِيلُ نَفْسُهُ وَيُسَكَّنُ . انْتَهَى ، وهُوَ تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي
) إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) أَيْ : لِيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ،
وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِالشَّافِعِيُّعَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ- في كفارة الظهار -
مُدٌّ فَإِنَّ الْعَرَقَ يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا ،
وقَالَالثَّوْرِيُّوَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ : إِنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ
صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ ذُرَةٍ ، أَوْ شَعِيرٍ ، أَوْ زَبِيبٍ ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ
وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِأَبِي دَاوُدَفَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهَا : فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا،
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِطْعَامِ سِتِّينَمِسْكِينًا ،
وَلَا يُجْزِئُ إِطْعَامُ دُونَهُمْ ، وإِلَيْهِ ذَهَبَالشَّافِعِيُّ،وَمَالِكٌ،
وقَالَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ : إِنَّهُ يُجْزِي إِطْعَامُ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا . انْتَهَى ،
وقَالَالطِّيبِيُّ : فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَأَخْرَجَهُأَحْمَدُ،وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُابْنُ خُزَيْمَةَ،وَابْنُ الْجَارُودِ،
وَقَدْ أَعَلَّهُعَبْدُ الْحَقِّبِالِانْقِطَاعِ ، وَأَنَّسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍلَمْ يُدْرِكْسَلَمَةَ،
وقَدْ حَكَى ذَلِكَالتِّرْمِذِيُّعَنِالْبُخَارِيِّ، وفِي إِسْنَادِهِمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ .
قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنْخَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، وَ هِيَ امْرَأَةُأَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ)
هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وأَخْرَجَ حَدِيثَهَا أَبُو دَاوُدَ ،
وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ ، وفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ،
وَهُوَ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ بِالْعَنْعَنَةِ .
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .