الأخت الزميلة / ســراب 30
هل تعلم كيف تهرب الأسماك الصغيرة من براثن السمك المتوحش
إنها تقوم بحيلة بسيطة ، تعكر الماء بذيلها وزعانفها ، حتى تصبح الرؤية فيها صعبة ،
فيصاب السمك الكبير بالهياج فيسهل على السمك الصغير الهرب والاختباء .
ولقد تعلم البحارة طريقة تعكير الماء هذه ، واستخدموها كحيلة لصيد السمك
فهم يقومون بتعكير الماء حتى يغضب السمك ويفقد هدوءه وتضيع الرؤية
من أمامه وتضطرب حركته ، ويتخبط يمنة ويسرة إلى أن يجد نفسه فجأة
من هذا المشهد نتعلم أمر بالغ الأهمية ، وهو أن نحتفظ بثباتنا وهدوءنا
إذا ما تعكر ماء الحياة وتشوشت الرؤية لفترة أمام أعيننا ، سواء كان هذا
التعكير بفعل عدو ، أو بسبب تصاريف القدر ، ودوائر الأيام .
فردود الفعل السريعة الغير منضبطة أو التي لم يتم دراستها سلفاً بروية
وعقلانية قد تلقينا في شباك الفشل ، وربما نجد أنفسنا وقد ضللنا الدرب
وخرجنا عن جادة الطريق المستقيم .
سهل أن يحتفظ المرء منا بثبات جنانه في الظروف العادية ، لكن الثبات وقت
الشدة والنوازل يحتاج ليقين حي ، وتمرس مستمر ، وهدوء أعصاب مستمد
نرى هذا الأمر جليا في موقعة أحد ، فبعدما خالف الرماة أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصبحت الدائرة على المسلمين من بعد
نصر لاح في أفقهم وبدا قريبا ، اختل توازن جند الإسلام ، وتشتتوا يمنة
ويسرة بعدما عكر جند قريش الماء من حولهم ، هنا قام القائد الحبيب
صلى الله عليه وسلم، ووقف في وسط المعركة جامعا شتات أصحابه صارخا
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أحد أعظم فرسان صدر الإسلام
[ كنا إذا حمي البأس (اشتدت المعركة) واحمرت الحُدُق
( جمع حدقة وهي بياض العين) نتقي برسول صلى الله عليه وسلم ونحتمي
إن الغضب والتخبط وفقدان الاتزان يضيع من أمامنا الرؤية ، ويجعلنا أسرى
لردود الأفعال العشوائية ، بينما الهدوء وانتظار انقشاع الغيوم بثبات
وتيقظ يجعلنا دائما في الموقف الأقوى .
فلا تسمح لخصمك أن يستفزك إذا ما عكر الماء وشوش الرؤية أمامك ،
كن هادئاً وامتلك أنت زمام المبادرة دائما .. حتى في وقت الشدة والأزمات .
قلب القائد كالبحر لا يمكن اكتشاف شواطئه البعيدة .
مثل صيني