( ممَا جَاءَ فِي : بَيْعِ مَنْ يَزِيدُ )
حَدَّثَنَاحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَأَخْبَرَنَاعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطِ بْنِ عَجْلَانَ
حَدَّثَنَاالْأَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَعَنْعَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِيِّرضى الله تعالى عنهم
عَنْأَنَسِ بْنِ مَالِكٍرضى الله تعالى عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بَاعَ حِلْسًا وَقَدَحًا وَ قَالَ
( مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْحِلْسَ وَ الْقَدَحَ
فَقَالَ رَجُلٌ أَخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ
فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَهُمَا مِنْهُ)
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِالْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ
وَ عَبْدُ اللَّهِالْحَنَفِيُّالَّذِي رَوَى عَنْأَنَسٍهُوَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَرَوْا بَأْسًا
بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ فِي الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ
وَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَالْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
وَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ النَّاسِ عَنْالْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ .
قَوْلُهُ : ( بَاعَ حِلْسًا )
بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَ سُكُونِ اللَّامِ ، كِسَاءٌ يُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الْقَتَبِ لَا يُفَارِقُهُ ،
و الْحِلْسُ : الْبِسَاطُ أَيْضًا ، و مِنْهُ :
كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ ، أَوْ مِيتَةٌ قَاضِيَةٌ
( وَ قَدَحًا ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ : أَرَادَ بَيْعَهُمَا وَقَضِيَّتُهُأَنَّ رَجُلًا
سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةً .
فَقَالَ لَهُ : هَلْ لَكَ شَيْءٌ ؟ فَقَالَهُ : لَيْسَ لِي إِلَّا حِلْسٌ وَ قَدَحٌ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( بِعْهُمَا وَ كُلْ ثَمَنَهُمَا ، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ شَيْءٌ فَسَلِ الصَّدَقَةَ ) .
فَبَاعَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
( مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ إِلَخْ ) ، فِيهِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ
إِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِمَا عَيَّنَ الطَّالِبُ ،
قَالَالنَّوَوِيُّرَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا لَيْسَ بِسَوْمٍ ؛ لِأَنَّ السَّوْمَ هُوَ
أَنْ يَقِفَ الرَّاغِبُ وَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَمْ يَعْقِدَاهُ ،
فَيَقُولُ الْآخَرُ لِلْبَائِعِ أَنَا أَشْتَرِيهِ ، وهَذَا حَرَامٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ ،
وأَمَّا السَّوْمُ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي تُبَاعُ لِمَنْ يَزِيدُ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَأَعَلَّهُابْنُ الْقَطَّانِبِجَهْلِ حَالِأَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، ونُقِلَ عَنِالْبُخَارِيِّأَنَّهُ قَالَ :
لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ ، كَذَا فِي التَّلْخِيصِ ،
والْحَدِيثُ رَوَاهُأَحْمَدُ،وَأَبُو دَاوُدَمُطَوَّلًا وَرَوَاهُأَبُو دَاوُدَأَيْضًا ،
وَالتِّرْمِذِيُّ،وَالنَّسَائِيُّمُخْتَصَرًا قَالَهُ الْحَافِظُ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَرَوْا
بَأْسًا بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ فِي الْغَنَائِمِ وَ الْمَوَارِيثِ )
حَكَىالْبُخَارِيُّعَنْعَطَاءٍأَنَّهُ قَالَ : أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا
فِي بَيْعِ الْمَغَانِمِ فِي مَنْ يَزِيدُ ،
وَوَصَلَهُابْنُ أَبِي شَيْبَةَعَنْعَطَاءٍوَمُجَاهِدٍوَرَوَى هُوَوَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
عَنْمُجَاهِدٍقَالَ : لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ ، وَكَذَلِكَ كَانَتْ تُبَاعُ الْأَخْمَاسُ ،
قَالَابْنُ الْعَرَبِيِّ : لَا مَعْنَى لِاخْتِصَاصِ الْجَوَازِ بِالْغَنِيمَةِ وَالْمِيرَاثِ
فَإِنَّ الْبَابَ وَاحِدٌ وَالْمَعْنَى مُشْتَرَكٌ . انْتَهَى ،
وَكَانَالتِّرْمِذِيُّيُقَيِّدُ بِمَا وَرَدَفِي حَدِيثِابْنِ عُمَرَالَّذِي أَخْرَجَهُابْنُ خُزَيْمَةَ ،
وَ ابْنُ الْجَارُودِوَالدَّارَقُطْنِيُّمِنْ طَرِيقِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَعَنِابْنِ عُمَرَ
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ حَتَّى يَذَرَ .
إِلَّا الْغَنَائِمَ وَالْمَوَارِيثَ ، وكَأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ فِيمَا يُعْتَادُ فِيهِ الْبَيْعُ مُزَايَدَةً ،
وَهِيَ الْغَنَائِمُ وَالْمَوَارِيثُ وَيَلْتَحِقُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ ،
وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِالْأَوْزَاعِيُّوَإِسْحَاقُفَخَصَّا الْجَوَازَ بِبَيْعِ الْمَغَانِمِ وَالْمَوَارِيثِ ،
و عَنْإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّأَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ . انْتَهَى ،
وقَالَالْعَيْنِيُّفِي عُمْدَةِالْقَارِي : أَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيمَنْ يَزِيدُ
فَلَا بَأْسَ فِيهِ فِيالزِّيَادَةِ عَلَى زِيَادَةِ أَخِيهِ ،
وذَلِكَ لِمَا رَوَاهُالتِّرْمِذِيُّمِنْ حَدِيثِأَنَسٍ، ثُمَّ ذَكَرَالْعَيْنِيُّحَدِيثَ الْبَابِ ،
ثُمَّ قَالَ ، وَهُوَ قَوْلُمَالِكٍ،وَالشَّافِعِيِّوَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ ،
وكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الزِّيَادَةَ عَلَى زِيَادَةِ أَخِيهِ وَلَمْ يَرَوْا صِحَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ
وَ ضَعَّفَهُالْأَزْدِيُّبِالْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ فِي سَنَدِهِ ،
وحُجَّةُ الْجُمْهُورِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الثُّبُوتِ أَنَّهُ لَوْ سَاوَمَ وَأَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَتِهِ
وَ أَعْطَى فِيهَا ثَمَنًا لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُ السِّلْعَةِ ، ولَمْ يَرْكَنْ إِلَيْهِ لِيَبِيعَهُ
فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ طَلَبُ شِرَائِهَا قَطْعًا ،
ولَا يَقُولُ أَحَدٌ إِنَّهُ يَحْرُمُ السَّوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ قَطْعًا كَالْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ
إِذَا رُدَّ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ،
وذَكَرَالتِّرْمِذِيُّعَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ جَوَازَ ذَلِكَ يَعْنِي :
بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ فِي الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ ،
قَالَالْعَيْنِيُّرَوَىالدَّارَقُطْنِيُّمِنْ رِوَايَةِابْنِ لَهِيعَةَقَالَ
حَدَّثَنَاعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍعَنْزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَعَنِابْنِ عُمَرَقَالَ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ ،
وَلَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ إِلَّا الْغَنَائِمَ وَالْمَوَارِيثَ،
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَنِالْوَاقِدِيِّمِثْلُهُ ،
وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي : الْحَافِظَزَيْنَ الدِّينِ الْعِرَاقِيَّرَحِمَهُ اللَّهُ :
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَى مَا كَانُوا يَعْتَادُونَ فِيهِ مُزَايَدَةً ،
وَهِيَ الْغَنَائِمُ وَالْمَوَارِيثُ ، فَإِنَّهُ وَقَعَ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِمَا مُزَايَدَةً ،
فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُابْنُ الْعَرَبِيِّ . انْتَهَى كَلَامُالْعَيْنِيِّ،
قُلْتُ : مَنْ كَرِهَ بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ لَعَلَّهُ تَمَسَّكَ بِمَا رَوَاهُالْبَزَّارُ
مِنْ حَدِيثِسُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِلَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِابْنَ لَهِيعَةَ،