قَوْلُهُ : ( لَا يَحِلُّ سَلَفٌ )
(وَ بَيْعٌ ) أَيْ : مَعَهُ يَعْنِي : مَعَ السَّلَفِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : السَّلَفُ يُطْلِقُ عَلَى السَّلَمِ وَالْقَرْضِ ،
وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا شَرْطُ الْقَارِضِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ :
لَا يَحِلُّ بَيْعٌ مَعَ شَرْطِ سَلَفٍ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا :
بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي عَشْرَةً ، نَفَى الْحِلَّ اللَّازِمَ لِلصِّحَّةِ ،
لِيَدُلَّ عَلَى الْفَسَادِ مِنْ طَرِيقِ الْمُلَازَمَةِ ،
وقِيلَ هُوَ أَنْ يُقْرِضَهُ قَرْضًا وَيَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ ؛
لِأَنَّ قَرْضَهُ رَوَّجَ مَتَاعَهُ بِهَذَا الثَّمَنِ ، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ حَرَامٌ .
( وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ ) فُسِّرَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُالتِّرْمِذِيُّأَوَّلًا لِلْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ .
يَأْتِي تَفْسِيرٌ آخَرُ عَنِ الْإِمَامِأَحْمَدَ
(وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ ) يُرِيدُ بِهِ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ مِنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ،
وَيَنْتَقِلُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إِلَى ضَمَانِهِ ، فَإِنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ ،
وفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّبْحَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِنَّمَا يَحِلُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْخُسْرَانُ عَلَيْهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخُسْرَانُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا تَلِفَ ، فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْبَائِعِ ،
ولَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مَنَافِعَهُ الَّتِي انْتَفَعَ بِهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛
لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْقَبْضِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ،
فَلَا يَحِلُّ لَهُ رِبْحُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ .
( وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ .
قَوْلُهُ : ( وَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ نَقْلِ تَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ :
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لِتَصْرِيحِهِ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
وَيَكُونُ مَذْهَبُهُ فِي الِامْتِنَاعِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
إِنَّمَا هُوَ الشَّكُّ فِي إِسْنَادِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
فَإِذَا صَحَّ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو انْتَفَى ذَلِكَ . انْتَهَى .
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .