الأخت / غـــرام الغـــرام
حصرياً لبيتكم و للمجموعات الشقيقة و الصديقة
صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
فقد بدأت القيادة في الإسلام مع نشأة الدعوة الإسلامية و بزوغ فجرها
و استجابة السابقين الأولين لها ، حيث تولى الرسول صلى الله عليه و سلم
قيادة المسلمين و توجيههم. و تحديد أهداف الدعوة لهم و هي نشر التوحيد
و تخليص البشر من الشرك و عبادة الأوثان ،
كما بين لهم عليه الصلاة والسلام المنهج الذي يجب أن يسيروا عليه
في تلك المرحلة و المتمثل بالدعوة مع الصبر على الأذى .
ثم تطورت القيادة و تنوعت في مجالاتها ومسؤولياتها بعد هجرة
النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة و تأسيسه للدولة الإسلامية فيها .
حيث قام عليه الصلاة و السلام بشؤون السياسة العامة وتدبير شؤون الأمة
و رعاية مصالحها مثل بعث الجيوش و قسمة الغنـائم و عقد العهـود .
وتصريف الأموال وتولية القضاة والولاة والقادة وإقامة الحدود ونشر الدعاة
إلى غير ذلك مما يضبط أمور الناس و يرقى بحياتهم و يأخذ بيدهم إلى النهج
الحضاري القويم .و لم يزل عليه الصلاة والسلام على ذلك راعياً لشؤون
الأمـة وقائما بمصالحهـا الدينية والدنيوية حتى لحق بالرفيق الأعلى .
بعد أن رسم المنهج و أبان الطريق و أقام الحجة
ثم قام الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم بالأمر من بعده يهتدون
بهديه و يتأسون به فاضطلعوا بشؤون القيادة و الولاية يسوسون الناس
بالعدل و الحكمة والرحمة شعارهم إقامة العدل وهداية الخلق و عمارة
الأرض وفق المنهج الرباني الذي أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعنوا باختيار الولاة و القادة ممن عرفوا بالقوة و الأمانة و النصح
للخلق حتى فتح الله على أيديهم القلوب و البلاد وأسهموا جميعاً
في بناء حضارة إسلامية عريقة كان لها أثرها الخيروالفريد في تاريخ
والقيادة كلمة تتداول قديما و حديثا ، و لكنها اشتهرت قديما وارتبطت
بالحروب والغزوات والمعارك حيث كانت هذه المعطيات السبب الرئيسي
فيما يعرف بالقيادة و كانت الانتصارات في الحروب والمعارك سببا رئيسيا
في إظهار مواصفات القـــائد وشخصيته .
و لقد اشتهر كثير من القادة ضرب بهم المثل في القيادة و النيل
في المعارك و الشجاعة والإقدام مما جعلهم يسطرون أمجادهم و انتصارهم
تاريخا يدرسه من يأتي بعدهم. غير أن القيادة تختلف من وقت لآخر من زمن
لآخر ومن شخص لآخر و من ظرف لآخر و لكنها في النهاية تكون مرتبطة
ارتباطا وثيقا بشخصية القائد و تصرفه و يكون أساسها المهارة و تصقلها
و لقد شهد العالم قيادات كثير سجلها التاريخ و اشتهر أصحابها الظاهر
بيبرس و صلاح الدين و خالد بن الوليد ، الذي كان له الدور الأكبر في تغيير
كفة الحرب ضد المسلمين في موقعة أحد ، ولكن ثبت بما لا يدع مجالا للشك
أن أفضل قيادة التاريخ و لن يشهد لها مثيل ،
هي قيادة الرسول صلى الله عليه و سلم . حيث جمع فيها بين القوة العسكرية
و الجوانب الإنسانية و التربوية و هذه صفات لا تتوفر لأي قائد من القواد
إذ الواضح أن القائد يكون بارعا في جانب واحد فالقائد العسكري لا تتوفر
لديه الجوانب النفسية و الإنسانية و التربوية ، بل تتنافى مع الجوانب
العسكرية المبنية على الأمر و النهي وعدم المخالفة والطاعة العمياء للقائد ،
والقائد التربوي لا نجد عنده الصرامة العسكرية و الطاعة العمياء .
مصدر من قاد يقود . وهو قائد، وجمعه قادة وقوّاد.
و أصلها ( قْود) قال ابن منظور
( القَوْدُ : نقيض السوق ، يقود الدابة من أمامها و يسوقها من خلفها ،
فالقوْد من أمام و السوق من خلف).
لا يبعد تعريف القيـادة في الاصطلاح عن معناها في اللغة ،
فقد جاء في معجم العلوم الاجتماعية تعريف القيادة بأنها :
( صفة تدل على هيئة نسبية بين شخص يقوم بعمل جماعي ،
وأشخاص يتبعون عمله ، ويسيرون على مثاله لتحقيق غاية مشتركة ،
فيكون أحد الطرفين قائداً والآخر مقوداً ).
ويمكن أن يقال في تعريفها إنـها
( عملية توجيهية لمجموعة من الأفراد نحو أهداف محددة ) .
و أن القائد بوجه عام هو كل من يقوم بتوجيه جماعة من الناس
والسير بهم للوصول إلى أهداف محددة.
و سواء كان معتمداً في هذه القيادة على قدرات شخصية أو التزام أدبي
تعد القيادة من ضروريات الاجتماعات البشرية، حيث لا تستطيع
جماعة من الجماعات أن تعيش بطمأنينة ، و تسير بانتظام دون قيادة ،
و لذا جاء توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم التأمير فقال :
( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا عليهم أحدهم )
و قال عليه الصلاة و السلام :
( لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم )
نستفيد لنرتقي جميعاً .