قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنْأَبِي بَكْرٍإِلَخْ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وفِي الْبَابِ عَنْعُمَرَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السِّتَّةِ ،
وَعَنْعَلِيٍّفِي الْمُسْتَدْرَكِ ، وَعَنْأَبِي هُرَيْرَةَفِيمُسْلِمٍ، وَعَنْأَنَسٍفِيالدَّارَقُطْنِيِّ،
وَعَنْبِلَالٍفِيالْبَزَّارِوَعَنْأَبِيبَكْرَةَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وعَنِابْنِ عُمَرَفِي الْبَيْهَقِيِّ،
وَهُوَ مَعْلُولٌ . انْتَهَى .
قُلْتُ : وَحَدِيثُزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَوَالْبَزَّارِمَرْفُوعًا بِلَفْظِ :
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ،
وَأَمَّا أَحَادِيثُ بَاقِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهَا ،
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُأَبِي سَعِيدٍعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّ،وَمُسْلِمٌ،
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، وَ غَيْرِهِمْ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِابْنِ عَبَّاسٍإِلَخْ )
اعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ لَهُ شَرْطَانِ ، مَنْعُ النَّسِيئَةِ مَعَ اتِّفَاقِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ ،
وَهُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ ، وَمَنْعُ التَّفَاضُلِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ،
وخَالَفَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ ، ثُمَّ رَجَعَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِي رُجُوعِهِ ،
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَيَّانَ الْعَدَوِيِّ سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الصَّرْفِ فَقَالَ :
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا زَمَانًا مِنْ عُمُرِهِ مَا كَانَ مِنْهُ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ ،
وكَانَ يَقُولُ : إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ . فَلَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ ،
وفِيهِ : التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ فَهُوَ رِبًا .
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ . فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ ،
كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي .
فَإِنْ قُلْتَ فَمَا وَجْهُ التَّوفِيقِ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أُسَامَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ " . أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ،
وَغَيْرُهُمَا : قُلْتُ : اخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ :
إِنَّ حَدِيثَ أُسَامَةَ مَنْسُوخٌ لَكِنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ ،
وقِيلَ : الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : لَا رِبَا ; الرِّبَا الْأَغْلَظُ الشَّدِيدُ التَّحْرِيمِ الْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهِ بِالْعِقَابِ الشَّدِيدِ
كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : لَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إِلَّا زَيْدٌ . مَعَ أَنَّ فِيهَا عُلَمَاءً غَيْرَهُ ،
وَإِنَّمَا الْقَصْدُ نَفْيُ الْأَكْمَلِ لَا نَفْيُ الْأَصْلِ ،
وأَيْضًا فَنَفْيُ تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَفْهُومِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ؛
لِأَنَّ دَلَالَتَهُ بِالْمَنْطُوقِ ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ أُسَامَةَ عَلَى الرِّبَا الْأَكْبَرِ كَمَا تَقَدَّمَ ،
وقَالَ الطَّبَرِيُّ : مَعْنَى حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ إِذَا اخْتَلَفَتْ
أَنْوَاعُ الْبَيْعِ وَالْفَضْلُ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ رِبَا ، جَمْعًا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .