الأخ الدكتور / نور المعداوى
صفة النار من الكتاب و السنة
وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها,
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا }
وهي فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار لغلظ إيذائهم للمؤمنين
[ إن في النار بئراً ما فتحت أبوابها بعد, مغلقة ما جاء على جهنم يوم
منذ خلقها الله تعالى إلا تستعيذ بالله من شر ما في تلك البئر مخافة إذا فتحت
تلك البئر أن يكون فيها من عذاب الله ما لا طاقة لها به ولا صبر لها عليه
وأما أهون الناس عذاباً في النار,
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة
رجل يحذى له نعلان من نار يغلي منهما دماغه يوم القيامة )
فتذكر أخي الحبيب: إذا كان هذا حال أهون الناس عذاباً يوم القيامة,
تــــــذكر يوم تأتي الله فــردا وقد نصبت موازين القـضاء
وهتكت الستور عن المعاصي وجاء الذنب منكشف الغطاء
وإن من شدة ما يجده أهل النار من الأهوال وألوان العذاب يتمنون فدية
أنفسهم بكل شيء قال تعالى:
{ ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً
وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ
لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
وما ذلك إلا لعظم النكال والعذاب في تلك الدركات فلا نصير ولا منقذ
ولا معين, بل إنهم يودون لو يفتدون بأبنائهم الذين من أصلابهم
{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى }
سلاسلها وأغلالها وشدة حرها:
وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها,
فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها.
{ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ }
{ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ }
وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد,
وما أثقلها على أهل النار ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها
وسط الجحيم, فإنما قيدهم الله بها إذلالاً لهم لا خشية هربهم كما يقيد السجين
[ إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب,
ولكنهم إن طفا بهم اللب أرسبتهم ]
فاعمل يا عبد الله امهد لنفسك, فجسدك لا يطيق حلقة من تلك السلاسل
الغلاظ, ولا يقوى على المكوث في حفرة النار لحظة واحدة,
فهو عذاب لا ينفع معه صبر ولا جلد, ولا مال ولا ولد, ولن ينجيك منه أحد,
سوى ما قدمت من عمل في هذه الأيام