الموضوع: النبوغ
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-17-2013, 10:04 PM
هيفولا هيفولا غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 7,422
افتراضي النبوغ


النبوغ




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من العجز أن يزدري المرء نفسه فلا يقيم لها وزناً،
وأن ينظر إلى من فوقه من الناس نظر الحيوان الأعجم إلى الانسان،
وعندي أن من يخطئ في تقدير قيمته مستعلياً خير ممن يخطئ في تقديرها متدلياً؛

فإن الرجل إذا صغرت نفسه في عين نفسه

يأبى لها من أعماله وأطواره إلا ما يشاكل منزلتها عنده؛ فتراه

صغيراً في علمه، صغيراً في أدبه، صغيراً في مروءته وهمته،
صغيراً في ميوله وأهوائه، صغيراً في جميع شؤونه وأعماله،
فإن عظمت نفسه عظم بجانبها كل ما كان صغيراً في جانب النفس الصغيرة.

ولقد سأل أحدُ الأئمة العظماء ولدَه - وكان نجيباً - :

أيُّ غاية تطلب في حياتك يا بني؟
وأي
رجل من عظماء الرجال تحب أن تكون؟
فأجابه: أحب أن أكون مثلك،
فقال: ويحك يا بني لقد صغَّرت
نفسك، وسقطت همتك؛
فلتبك على عقلك البواكي،
لقد قدَّرت لنفسي يا بني في مبدأ نشأتي أن أكون
كعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
فما زلت أجدُّ، وأكدح حتى بلغتُ تلك المنزلة التي تراها،
وبيني
وبين علي ما تعلم، من الشأو البعيد والمدى المستحيل ؛
فهل يسرك، وقد طلبت منزلتي أن يكون ما بينك

وبيني من المدى مثل ما بيني وبين عليّ - رضي الله عنه -

فيا طالب العلم كن عالي الهمة،
ولا يكن نظرك في تاريخ عظماء الرجال نظراً يبعث في قلبك الرهبة

والهيبة؛ فتتضاءل وتتصاغر
وحذار أن يملك اليأس عليك قوتك وشجاعتك؛
فتستسلم استسلام العاجز
الضعيف،
وتقول: من لي بِسُلَّم أصعد عليها إلى السماء حتى أصل إلى قبة الفلك؛
فأجالس فيها عظماء الرجال.




يا طالب العلم، أنت لا تحتاج في بلوغك الغاية التي بلغها النابغون من قبلك
إلى خلق غير خلقك
، وجو غير جوك، وسماء وأرض غير سمائك وأرضك،
وعقل وأداة غير عقلك وأداتك.
ولكنكفي حاجة إلى نفس عالية كنفوسهم، وهمة عالية كهممهم،
وأمل أوسع من رقعة الأرض، وأرحبمن صدر الحليم،

ولا يقعدن بك عن ذلك ما يهمس به حاسدوك في خلواتهم
من وصفك بالوقاحة أو بالسماجة،
فنعم الخلق هي إن كانت السبيل إلى بلوغ الغاية النبيلة ،
فامض على وجهك، ودعهم فيغيهم يعمهون.


جناحان عظيمان يطير بهما المتعلم إلى سماء المجد والشرف:
علو الهمة والفهم في العلم .


رد مع اقتباس