تأسيس مسجد قباء
المصدر : كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله
ولما حل الركاب النبوي بالمدينة ، وكان أول نزوله بها في دار
بني عمرو بن عوف وهي قباء كما تقدم .
فأقام بها - أكثر ما قيل -:
اثنتين وعشرين ليلة ، وقيل: ثماني عشرة ليلة .
وقيل : بضع عشرة ليلة. قال موسى بن عقبة : ثلاث ليال .
والأشهر ما ذكره ابن إسحاق وغيره أنه عليه السلام
أقام فيهم بقباء من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة .
وقد أسس في هذه المدة المختلف في مقدارها - على ما ذكرناه - مسجد قباء .
وقد ادعى السهيلي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسسه في أول يوم قدم إلى قباء وحمل على ذلك
} لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ{
من تأسيس أول يوم وهو مسجد شريف فاضل نزل فيه
} لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ
فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ {
وذكرنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد :
حدثنا حسن بن محمد ، ثنا أبو إدريس ، ثنا شرحبيل ،
أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال
حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمِصِّيصِيُّ ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ،
ثنا أَبُو أُوَيْسٍ ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ ،
عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِيِّ ،
أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ قِبَاءَ ، فَقَالَ :
) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمُ الثَّنَاءَ فِي الطَّهُورِ فِي قِصَّةِ مَسْجِدِكُمْ
فَمَا هُوَ الطَّهُورُ الَّذِي تَطَهَرُّونَ بِهِ ؟
" قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا نَعْلَمُ شَيْئًا إِلا أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنَ الْيَهُودِ
فَكَانُوا يَغْسِلُونَ أَدْبَارَهُمْ مِنَ الْغَائِطِ ، فَغَسَلْنَا كَمَا غَسَلُوا (
وأخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) وله شواهد .
ويه شرحبيل بن سعد ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة
وممن قال بأنه المسجد الذي أسس على التقوى :
ما رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ،
ورواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ،
وحكى عن الشعبي ، والحسن البصري ، وقتادة ، وسعيد بن جبير ،
وعطية العوفي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزوره فيما بعد ويصلي فيه ،
وكان يأتي قباء كل سبت تارة راكباً وتارةً ماشيا ً.
( صلاة في مسجد قباء كعمرة )
بل أول مسجد جعل لعموم الناس في هذه الملة .
واحترزنا بهذا عن المسجد الذي بناه الصديق بمكة عند باب داره يتعبد فيه
ويصلي لأن ذاك كان لخاصة نفسه لم يكن للناس عامة والله أعلم .
في الله أخوكم / مصطفى آل حمد