قَوْلُهُ : ( مَعْنَى لَا سَمْرَاءَ لَا بُرَّ )
بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، وَهِيَ الْحِنْطَةُ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ،وَمُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
مِنْهُمْالشَّافِعِيُّ،وَ أَحْمَدُوَ إِسْحَاقُ)
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي :
حَدِيثَأَبِيهُرَيْرَةَالْمَذْكُورَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ ،
وَأَفْتَى بِهِابْنُ مَسْعُودٍوَأَبُوهُرَيْرَةَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ ،
وَقَالَ بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ ،
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ الَّذِي احْتُلِبَ قَلِيلًا ، أَوْ كَثِيرًا ،
ولَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ قُوتَ تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا ،
وخَالَفَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ ، وفِي فُرُوعِهَا أَكْثَرُونَ ،
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا لَا يَرُدُّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ- البيع - ، وَلَا يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ ،
وَخَالَفَهُمْزُفَرُفَقَالَ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَاعِ تَمْرٍ ،
أَوْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ ، وَكَذَا قَالَابْنُ أَبِي لَيْلَىوَأَبُويُوسُفَفِي رِوَايَةٍ
إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَتَعَيَّنُ صَاعُ التَّمْرِ ،
بَلْ قِيمَتُهُ وَاعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنِ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِأَعْذَارٍ شَتَّى ؛
فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَنَ فِي الْحَدِيثِ بِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِأَبِيهُرَيْرَةَوَلَمْ يَكُنْ كَابْنِ مَسْعُودٍ،
وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فَلَا يُؤْخَذُ بِمَا رَوَاهُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ ،
وَهُوَ كَلَامٌ آذَى قَائِلُهُ بِهِ نَفْسَهُ ، وفِي حِكَايَتِهِ غِنًى عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ ،
وَقَدْ تَرَكَأَبُو حَنِيفَةَالْقِيَاسَ الْجَلِيَّ لِرِوَايَةِأَبِي هُرَيْرَةَوَأَمْثَالِهِ
كَمَا فِي الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ ، وَمِنَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ،
وأَظُنُّ أَنَّ لِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَوْرَدَالْبُخَارِيُّحَدِيثَابْنِمَسْعُودٍعَقِبَ حَدِيثِأَبِيهُرَيْرَةَ
إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّابْنَ مَسْعُودٍقَدْ أَفْتَى بِوَفْقِ حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَة
فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَأَبِي هُرَيْرَةَفِي ذَلِكَ ثَابِتٌ لَمَا خَالَفَابْنُ مَسْعُودٍالْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فِي ذَلِكَ ،
وَقَدْ اخْتُصَّأَبُو هُرَيْرَةَبِمَزِيدِ الْحِفْظِ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ،
ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَرِدْأَبُو هُرَيْرَةَبِرِوَايَةِ هَذَا الْأَصْلِ
فَقَدْ أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَمِنْ حَدِيثِابْنِعُمَرَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
وَأَخْرَجَهُالطَّبَرَانِيُّمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُوَأَبُو يَعْلَىمِنْ حَدِيثِأَنَسٍ،
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّفِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِعَمْرِو بْنِ عَوْفٍالْمُزَنِيِّ،
وَأَخْرَجَهُأَحْمَدُمِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ ،
وَقَالَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ
وَ اعْتَلَّ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ بِأَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا ،
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لِذِكْرِ التَّمْرِ فِيهِ تَارَةً وَالْقَمْحِ أُخْرَى
وَ اللَّبَنِ أُخْرَى وَاعْتِبَارِهِ بِالصَّاعِ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ ،
أَوْ الْمِثْلَيْنِ تَارَةً وَبِالْإِنَاءِ أُخْرَى ،
وَالْجَوَابُ أَنَّ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا ،
وَالضَّعِيفُ لَا يُعَلُّ بِهِ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ :
وَهُوَ مُعَارِضٌ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ