عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-22-2013, 10:57 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

وأَمَّا قَوْلُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ إِلَخْ .
فَفِيهِ مَا قَالَ الْحَافِظُابْنُ الْقَيِّمِفِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ :
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ : إِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ ، وَهُوَ قَوْلُهُالرَّهْنُ مَرْكُوبٌ
وَ مَحْلُوبٌ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُعَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ ،
فَإِنَّهُ جَوَّزَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَيَحْلِبَهَا وَضَمَّنَهُ ذَلِكَ بِالنَّفَقَةِ ،
فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ ، وَالصَّوَابُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ ،
وقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولُهَا لَا تَقْتَضِي سِوَاهُ ؛
فَإِنَّ الرَّهْنَ إِذَا كَانَ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فِي نَفْسِهِ بِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ،
وَكَذَلِكَ فِيهِ حَقُّ الْمِلْكِ ، وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْوَثِيقَةِ ،
وقَدْ شَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الرَّهْنَ مَقْبُوضًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ
فَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ فَلَمْ يَرْكَبْهُ وَلَمْ يَحْلِبْهُ ذَهَبَ نَفْعُهُ بَاطِلًا ،
وَإِنْ مَكَّنَ صَاحِبَهُ مِنْ رُكُوبِهِ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ وَتَوْثِيقِهِ ،
وَإِنْ كُلِّفَ صَاحِبُهُ كُلَّ وَقْتٍ أَنْ يَأْتِيَ يَأْخُذُ لَبَنَهُ شَقَّ عَلَيْهِ غَايَةَ الْمَشَقَّةِ ،
وَلَا سِيَّمَا مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ ،
وَإِنْ كُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ اللَّبَنِ وَحِفْظَ ثَمَنِهِ لِلرَّاهِنِ شَقَّ عَلَيْهِ .
فَكَانَ بِمُقْتَضَى الْعَدْلِ وَالْقِيَاسِ ، وَمَصْلَحَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْحَيَوَانِ
أَنْ يَسْتَوفِيَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ ، وَيُعَوِّضَ عَنْهُمَا بِالنَّفَقَةِ ،
فَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَتَوفِيرُ الْحَقَّيْنِ ،
فَإِنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَاجِبَةٌ عَلَى صَاحِبِهِ ،
والْمُرْتَهِنُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَدَّى عَنْهُ وَاجِبًا ، وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِهِ ،
وَمَنْفَعَةُ الرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا ،
فَأَخْذُهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُهْدَرَ عَلَى صَاحِبِهَا بَاطِلًا ،
وَيُلْزَمَ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ ،
وَإِنْ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ : لَا رُجُوعَ لَكَ كَانَ فِيهِ إِضْرَارٌ بِهِ ،
وَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ ،
فَكَانَ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ هُوَ الْغَايَةَ
الَّتِي مَا فَوْقَهَا فِي الْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ وَ الْمَصْلَحَةِ شَيْءٌ يُخْتَارُ ،
ثُمَّ ذَكَرَابْنُالْقَيِّمِكَلَامًا حَسَنًا مُفِيدًا مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْإِعْلَامِ ،
وقَالَ الْقَاضِيالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : وَيُجَابُ عَنْ دَعْوَى مُخَالَفَةِ هَذَا الْحَدِيثِ
الصَّحِيحِ لِلْأُصُولِ بِأَنَّ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُصُولِ
فَلَا تُرَدُّ إِلَّا بِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهَا بَعْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ ،
وعَنْ حَدِيثِابْنِ عُمَرَبِأَنَّهُ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْبَابِ خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ ،
وَ النَّسْخُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَقْضِي بِتَأَخُّرِ النَّاسِخِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ
الْجَمْعُ لَا بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ . انْتَهَى كَلَامُالشَّوْكَانِيِّ،
فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ صَحِيحٌ مُحْكَمٌ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ ،
وَلَا يَرُدُّهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ ، وَلَا أَثَرٌ مِنَ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ ،
وهُوَ دَلِيلٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ بِنَفَقَتِهَا
وَشُرْبِ لَبَنِ الدَّرِّ الْمَرْهُونَةِ بِنَفَقَتِهَا ، وهُوَ قَوْلُأَحْمَدَوَإِسْحَاقَكَمَا ذَكَرَهُالتِّرْمِذِيُّ،
وأَمَّا قِيَاسُ الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ وَالدَّرِّ الْمَرْهُونَةِ
فَقِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ ، هَذَا مَا عِنْدِي ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًاوَالنَّسَائِيَّ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ،
وَ هُوَ قَوْلُأَحْمَدَوَ إِسْحَاقَ)
قَالَا : يَنْتَفِعُ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الرَّهْنِ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ ،
وَلَا يَنْتَفِعُ بِغَيْرِهِمَا ، لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ ،
قَالَالطِّيبِيُّ : وَقَالَأَحْمَدُوَإِسْحَاقُ :
لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنَ الْمَرْهُونِ بِحَلْبٍ وَرُكُوبٍ دُونَ غَيْرِهِمَا وَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ ،
وَاحْتَجَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ ، ووَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنْ يُقَالَ :
دَلَّ الْحَدِيثُ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِنْفَاقِ
وَانْتِفَاعِ الرَّاهِنِ لَيْسَ كَذَلِكَ ؛
لِأَنَّ إِبَاحَتَهُ مُسْتَفَادَةٌ لَهُ مِنْ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ لَا مِنَ الْإِنْفَاقِ وَبِمَفْهُومِهِ
عَلَى أَنَّ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ مَقْصُورٌ عَلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ ،
وَجَوَازُ الِانْتِفَاعِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا .
فَإِذًا الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ مِنَ الْمَرْهُونِ بِالنَّفَقَةِ ،
وَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ . انْتَهَى .
قُلْتُ : قَوْلُ أَحْمَدَوَإِسْحَاقَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ الْبَابِ ،
وقَدْ قَالَ بِهِ طَائِفَةٌ أَيْضًا كَمَا عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ ،
وقَدْ قَالَ بِجَوَازِ انْتِفَاعِ الرُّكُوبِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ بِقَدْرِ الْعَلَفِإِبْرَاهِيمُالنَّخَعِيُّأَيْضًا ،
قَالَ الْإِمَامُالْبُخَارِيُّفِي صَحِيحِهِ : وَقَالَالْمُغِيرَةُعَنْإِبْرَاهِيمَ :
تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا ، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ . انْتَهَى ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ ،
وقَدْ وَصَلَهُسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍبِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ :
الدَّابَّةُ إِذَا كَانَتْ مَرْهُونَةً تُرْكَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا ، وَإِذَا كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُشْرَبُ مِنْهُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا ،
ورَوَاهُحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَفِي جَامِعِهِ عَنْحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَعَنْإِبْرَاهِيمَ،
وَ لَفْظُهُ : إِذَا ارْتَهَنَ شَاةً شَرِبَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ لَبَنِهَا بِقَدْرِ ثَمَنِ عَلَفِهَا ،
فَإِنِ اسْتَفْضَلَ مِنَ اللَّبَنِ بَعْدَ ثَمَنِ الْعَلَفِ فَهُوَ رِبًا . انْتَهَى .
( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ لَهُ ) أَيْ : لِلْمُرْتَهِنِ
( أَنْ يَنْتَفِعَ مِنَ الرَّهْنِ ) ، أَيْ : مِنَ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ
( بِشَيْءٍ ) أَيْ : بِشَيْءٍ مِنَ الِانْتِفَاعِ ، وهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ،
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِأَبِيهُرَيْرَةَمَرْفُوعًا :
لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ.
رَوَاهُالشَّافِعِيُّوَالدَّارَقُطْنِيُّ،
وَقَالَ : هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ ، كَذَا فِي الْمُنْتَقَى ،
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : قَوْلُهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ . فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ ؛
لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَ الْغُنْمَ وَالْغُرْمَ لِلرَّاهِنِ ،
وَلَكِنَّهُ قَدْ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَرَفْعِهِ وَوَقْفِهِ ،
وَذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ عَدَمَ انْتِهَاضِهِ لِمُعَارَضَةِ مَا فِي صَحِيحِالْبُخَارِيِّ، وَغَيْرِهِ . انْتَهَى ،
قُلْتُ حَدِيثُأَبِيهُرَيْرَةَالَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْجُمْهُورُ
قَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ الْحَافِظُابْنُحَجَرٍفِي التَّلْخِيصِ
مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ .

رد مع اقتباس