الأخت / الملكة نــــــــور
لماذا استخدم الله تعالى لفظ} خَرَّ{
وردت بعض الأسئلة حول الإعجاز البلاغي في القرآن
إلى فضيلة الأستاذ محمد عتوك
المتخصص في الإعجاز البلاغي والبياني في القرآن
الذي قام بالإجابة عليها مشكوراَ .
سؤالان يتعلقان بالإعجاز البياني للقرآن الكريم :
قال الله تعالى في سورة ص :
} وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {
لماذا استخدم الله تعالى لفظ { خَرَّ } ؟
فإني - كما أعلم - أن الإنسان يخر ساجدًا .
أي: بمعنى السقوط على الأرض بسرعة .
هل هناك فرق في الآيات التي تتكلم عن القتال بلفظ : الكفار ؟.
أي : الذين هم يحاربونكم و يعادوكم ،
و إذا تكلمت عن الإحسان و العدل إليهم ؛
لكي يعرفوا أخلاق المسلمين تستخدم لفظ : الكافرون ؟
هل في استخدام كلمة { الكفّار } تشديد ،
و { الكافرون } ، أو { الكافرين } تخفيف ،
أولاً- الخرور هو سقوط وهويُّ إلى الأرض .
يقال: خرَّ خُرورًا . أي: سقط وهوى ؛
و ذلك يكون من أعلى إلى أسفل .
} فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ {
و يقال : خرَّ ، لمن ركع ، أو سجد ،
و الشاهد قول كُثَيِّر عَزَّةَ :
رهبان مدين ، و الذين عهـدتهم يبكون من أثر السجود قعودا
لو يسمعون ؛ كما سمعت كلامها خرُّوا لعزة ركعًا وسجـــــودا
} وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ {
} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً {
أما الركوع فهو الانحناء دون الوصول إلى الأرض .
يقال : ركع الرجل ، إذا انحنى . وكلُّ منحنٍ راكع .
أليس ورائي، إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
أخبر أخبار القرون التي مضت أدب ؛ كأني كلما قمـــت راكــــــــع
و أما السجود فهو تطامُنٌ و ذلٌّ وصولاً إلى الأرض .
يقال : سجد الرجل ، إذا تطامن و ذل .
و قد يعبر عن السجود بالركوع ، و حمل جمهور المفسرين على ذلك :
} وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ {
و إلى هذا أشار أحد الشعراء بقوله :
فخر على وجهه راكعًــــــــا وتـــــــــاب إلى الله من كل ذنـــــب
[ لا خلاف في أن الركوع هاهنا : السجود ؛ لأنه أخوه ؛
إذ كل ركوع سجود ، وكل سجود ركوع ؛
فإن السجود هو المَيْلُ ، و الركوع هو الانحناءُ ،
و لكنه قد يختص كل واحد منهما بهيْئَة ،
ثم جاء على تسمية أحدهما بالآخر ، فسُمِّيَ السجودُ ركوعًا ]
و الحقيقة ليس كما قال ابن العربي ؛
بدليل أنهم اختلفوا في المراد من ركوع داود - عليه السلام –
فذهب الجمهور إلى أن المراد به السجود .
[ مكث أربعين يومًا ساجدًا لا يرفع رأسه ،
حتى نبت المرعى من دموع عينه ، فغطى رأسه إلى أن
} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَ حُسْنَ مَآَبٍ {]
و ذهب بعضهم إلى أن الركوع هنا على ظاهره ، بمعنى الانحناء .
و حاول بعضهم أن يجمع بين القولين بأن يكون ركع أولاً ،
أو أن الله سبحانه ذكر أول فعله و هو خروره راكعًا ، و إن كان
الغرض منه الانتهاء به إلى السجود .
و قيل : بل معنى { رَاكِعًا } : مصليًّا ،
على اعتبار أن الركوع يراد به الصلاة .