ذكرت في مقالي عن الإيدز في الأسبوع الماضي بأنه أكثر الأوبئة انتشارا
في العصر الحديث ، كما أنه أكبر قاتل للشباب في كثير من البلدان ،
فيروسه لا يحترم الحدود الجغرافية بين البلاد . وعلاجه غير موجود ،
والوقاية منه تأتي في الدرجة الأولى فقط بالتربية المبنية على العقيدة
في مؤتمر طبي عقد في فنلندا وشاركت فيه ، نوقش موضوع الإيدز ،
وتعددت الآراء حول وسائل الوقاية منه .
ما بين قائل بضرورة استعمال العازل المطاطي للرجال
وآخر يدعو إلى الاقتصار في الاتصال الشخصى على شركاء محدودين .
ووقفت لأقول أن الوقاية الرئيسية من المرض تكمن في الوازعين الديني
والأخلاقي الذين تحتمهما جميع الأديان .
ونظر إلىّ بدهشة كآني آت من المريخ ، فالثقافة الأوروبية ، واللاتينية ،
والأفريقية غير المسلمة ، لا تنظر للقضية بهذا المنظور ،
وتعتبر هذا الطرح مظهر من مظاهر التخلف .
أمامي ما نشرته الأمم المتحدة من أن معدل الإصابة بالمرض في البلاد
العربية 1 في الألف ( والاحتمال هو أن النسبة أعلى من ذلك ) ،
وأن عدد المصابين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو نصف مليون
نسمة وأن الجهل به وبأسبابه من أكثر الدواعي لإنتشاره .
هناك معتقدات خاطئة حيال المرض منها :
أن الشذوذ هو السبب الرئيسي أو الوحيد في انتقاله ،
هذا غير صحيح بدليل أن نسبة الإناث المصابات به على مستوى العالم
أكثر من الرجال ، فهو ينتشر بالاتصال العاطفى خارج نطاق الزوجية ،
وبالحقن الملوثة بالفيروس ، والدم الملوث بالفيروس ،
ومن الأم الحامل المصابة لطفلها . ولا ينتقل عن طريق المصافحة
أو المآكلة والمشاربة أو الحمامات العامة .
وأن الكشف المخبري للدم ينبئ عن المرض . وهو تصور غير صحيح ،
فللمرض مدة حضانة لا تقل من ثلاثة شهور وقد تزيد ،
وفي أثنائها لا تظهر آثار الفيروس في التحاليل المخبرية ،
في الوقت الذي يكون فيه المريض حاملاً للفيروس ومعدياً به .
وأن مريض الإيدز تظهر عليه آثار المرض جلية وواضحة ،
من هزال ووهن والتهابات متفشية في جسمه .
وهذا غير صحيح فقد يحمل الإنسان فيروس المرض ويكون معدياً به
لسنوات قبل أن تظهر آثاره عليه .
وعلّ في قصة الممثل روك هدسن عبرة ، فقد كان في عز فتوته
ورجولته ينشر المرض بين معاشريه .
الذي أعو إليه هو أن نتجنب هذا الوباء الذي هو أشد من أي وباء آخر
في معدل انتشاره وعواقبه . وأن تكون سبيلتنا الأساسية في الوقاية منه
الثقافة الدينية التي ترسخ السلوك وتبني الشخصية ،
الثقافة الدينية التي تعتمد على الحوار والنقاش والقدوة والممارسة ،
ولا تكفي بالحفظ والاستظهار .