قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنْسَمُرَةَ)
أَخْرَجَهُأَحْمَدُ،وَأَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّعَنْهُ ،
وفِي سَمَاعِهِ مِنْهُ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ ، لَكِنَّهُ يَشْهَدُلِصِحَّتِهِ حَدِيثُ الْبَابِ
(وَابْنِعُمَرَ ) أَخْرَجَهُابْنُ حِبَّانَبِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَهُ فِي النَّيْلِ .
قَوْلُهُ : (حَدِيثُأَبِي هُرَيْرَةَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُالْبُخَارِيُّ،وَمُسْلِمٌ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَ هُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّ،وَ أَحْمَدَوَ إِسْحَاقَ )
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ : الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِأَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا :
إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَوَجَدَالْبَائِعُ عَيْنَ مَالِهِ ،
فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ عَيْنَمَالِهِ ،
وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَأَفْلَسَ بِالْبَاقِيأَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ
كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّقَضَى بِهِعُثْمَانُرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَرُوِيَ عَنْعَلِيٍّرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَالصَّحَابَةِ ، وبِهِ قَالَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّرَحِمَهُمَا اللَّهُ . انْتَهَى .
قُلْتُ : وَهُوَ الْحَقُّ ، وَهُوَقَوْلُ الْجُمْهُورِ
( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هُوَ أُسْوَةُالْغُرَمَاءِ- البائع إذا وجد عين ماله بعد أنافلس المشتري )
بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ : هُوَ مُسَاوٍ لَهُمْ وَكَوَاحِدٍ مِنْهُمْيَأْخُذُ مِثْلَ مَا يَأْخُذُونَ ، وَيُحْرَمُ مِمَّا يُحْرَمُونَ
( وَهُوَقَوْلُأَهْلِ الْكُوفَةِ)وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ :
وَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَتَاعِ لَيْسَ بِأَحَقَّلَا فِي الْمَوْتِ ،
وَلَا فِي الْحَيَاةِ ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ بَعْدَمَا قَبَضَهُالْمُشْتَرِي صَارَ مِلْكًا خَالِصًا لَهُ ،
وَ الْبَائِعُ صَارَ أَجْنَبِيًّامِنْهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ .
فَالْغُرَمَاءُ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ فِيهِ فِيكِلْتَا الصُّورَتَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ .
فَالْبَائِعُ أَحَقُّلِاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَهَذَا مَعْنًى
وَاضِحٌ لَوْلَا وُرُودُ النَّصِّ بِالْفَرْقِوَسَلَفُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ ،
فَإِنَّقَتَادَةَرَوَى عَنْخَلَّاسِ بْنِ عَمْرٍوعَنْعَلِيٍّأَنَّهُ قَالَ :
هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إِذَا وَجَدَهَابِعَيْنِهَا ،
وأَحَادِيثُخَلَّاسٍعَنْعَلِيٍّضَعِيفَةٌ ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ،
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَدُّ إِلَّا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ ،
وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّأْيِ بَعْدَ وُرُودِ نَصِّهِ ، كَذَاحَقَّقَهُابْنُ عَبْدِ الْبَرِّوَالزُّرْقَانِيُّ . انْتَهَى ،
واعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَدِ اعْتَذَرُوا عَنِالْعَمَلِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ بِاعْتِذَارَاتٍ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ .
فَمِنْهَا - أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْأُصُولِ ، وَفَسَادُ هَذَا الِاعْتِذَارِ ظَاهِرٌ ،
فَإِنَّهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُصُولِ فَلَا يُتْرَكُالْعَمَلُ بِهَا إِلَّا لِمَا هُوَ أَنْهَضُ مِنْهَا ،
ومِنْهَا - أَنَّهَامَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ وَدِيعَةً ، أَوْ عَارِيَةً ،
أَوْلُقَطَةً وَفَسَادُ هَذَا الِاعْتِذَارِ أَيْضًا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَكَذَلِكَ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْإِفْلَاسِ ،
وَلَا جُعِلَ أَحَقَّ بِهَا لِمَاتَقْتَضِيهِ صِيغَةُ أَفْعَلَ مِنَ الِاشْتِرَاكِ ،
ويَرُدُّ هَذَا الِاعْتِذَارَأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍلِمُسْلِمٍوَالنَّسَائِيِّ
أَنَّهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ ،
وفِي رِوَايَةٍلِابْنِ حِبَّانَ : إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ ،
وكَذَلِكَوَقَعَ فِي عِدَّةِ رِوَايَاتٍ مَا يَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِيصُورَةِ الْبَيْعِ ،
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّالْحَدِيثَ وَارِدٌ فِي صُورَةِالْبَيْعِ ،
وَيُلْتَحَقُ بِهِ الْقَرْضُ وَسَائِرُ مَا ذُكِرَ يَعْنِي : مِنَ الْعَارِيَةِ وَالْوَدِيعَةِ بِالْأَوْلَى ،
و مِنْهَا أَنَّهَا مَحْمُولَةٌعَلَى مَا إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ السِّلْعَةَ ،
ويَرُدُّ هَذَا الِاعْتِذَارَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي حَدِيثِسَمُرَةَعِنْدَ مُفْلِسٍ ،
وفِي حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَعِنْدَ رَجُلٍ ، وفِي رِوَايَةٍلِابْنِ حِبَّانَ : ثُمَّ أَفْلَسَ ،
وهِيَ عِنْدَهُ : إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَعِنْدَهُ مَتَاعٌ .