النَّهْيِ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الذِّمِّيِّ الْخَمْرَ يَبِيعُهَا لَهُ .. 1منه )
حَدَّثَنَاأَبُو كُرَيْبٍحَدَّثَنَاطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍعَنْشَرِيكٍوَ قَيْسٌ
عَنْأَبِي حَصِينٍعَنْأَبِي صَالِحٍرضى الله تعالى عنهم
عَنْأَبِي هُرَيْرَةَرضى الله تعالى عنه قَال
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
( أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَ لَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ
وَقَالُوا إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى آخَرَ شَيْءٌ فَذَهَبَ بِهِ فَوَقَعَ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ لَهُ عَلَيْهِ
وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُالثَّوْرِيِّ
وَقَالَ إِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَوَقَعَ لَهُ عِنْدَهُ دَنَانِيرُ
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ بِمَكَانِ دَرَاهِمِهِ إِلَّا أَنْ يَقَعَ عِنْدَهُ لَهُ دَرَاهِمُ
فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَحْبِسَ مِنْ دَرَاهِمِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَيْهِ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَاطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ)
بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدَّةِ النُّونِ النَّخَعِيُّأَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ
( عَنْأَبِي حُصَيْنٍ)بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ اسْمُهُ
عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمِ بنحُصَيْنٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ ، ثِقَةٌ ثَبْتٌ .
قَوْلُهُ : ( أَدِّالْأَمَانَةَ- حكم أدائها - )
هِيَ كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَكَ أَدَاؤُهُ ، والْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ،
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}
(إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ) أَيْ : عَلَيْهَا
( وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) أَيْ : لَا تُعَامِلْهُ بِمُعَامَلَتِهِ ، وَلَا تُقَابِلْ خِيَانَتَهُ بِخِيَانَتِكَ ،
قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ : وفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَازَي بِالْإِسَاءَةِ مَنْ أَسَاءَ ،
وحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِدَلَالَةِ
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَاوَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}
عَلَى الْجَوَازِ وَهَذِهِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِمَسْأَلَةِ الظَّفَرِ ، وفِيهَا أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ .
هَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ مِنْ أَقْوَالِالشَّافِعِيِّ
وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا أُخِذَ عَلَيْهِ ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ،
والثَّانِي : يَجُوزُ إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا أُخِذَ عَلَيْهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ لِظَاهِرِ
قَوْلِهِ : بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِوَقَوْلِهِ مِثْلُهَا وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ ،
والثَّالِثُ : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا لِحُكْمِالْحَاكِمِ، لِظَاهِرِ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ }
وَأُجِيبَ أَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا بِالْبَاطِلِ ، والْحَدِيثُ يُحْمَلُ فِيهِ النَّهْيُ عَلَى النَّدْبِ .
الرَّابِعُ : لِابْنِ حَزْمٍأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ
سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا هُوَ عَلَيْهِ ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَبِيعُ وَيَسْتَوفِي حَقَّهُ .
فَإِنْ فَضَلَ عَلَى مَا هُوَ لَهُ رَدَّهُ لَهُ ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ ،
وإِنْ نَقَصَ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ .
فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَنْ يُحَلِّلَهُ ، أَوْ يُبَرِّئَهُ فَهُوَ مَأْجُورٌ .
فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي لَهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَظَفَرَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ مَنْ عِنْدَهُ
لَهُ الْحَقُّ أَخَذَهُ ، فَإِنْ طُولِبَ أَنْكَرَ ، فَإِنِ اسْتُحْلِفَ حَلَفَ ،
وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ ، قَالَ وَهَذَا قَوْلُالشَّافِعِيِّوَأَبِي سُلَيْمَانَوَأَصْحَابِهِمَا :
وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا كُلُّ مَنْ ظَفَرَ لِظَالِمٍ بِمَالٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ ،
وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنْهُ وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَتَيْنِ
{ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ }
{ مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }
وَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَلِهِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ
( خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوُلْدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)
وَ بِحَدِيثِالْبُخَارِيِّ
( إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ وَ أَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا ،
وَ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ)
وَاسْتَدَلَّ لِكَوْنِهِ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ عَاصِيًا
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ...الْآيَةِ }
و بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( مَنْ رَأَى مُنْكَرًا... الْحَدِيثِ )
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَأَبِي هُرَيْرَةَفَقَالَ :
هُوَ مِنْ رِوَايَةِطَلْقِ بْنِ غَنَّامٍعَنْشَرِيكٍوَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِوَكُلُّهُمْ ضَعِيفٌ ،
قَالَ : وَلَئِنْ صَحَّ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِصَافُ الْمَرْءِ مِنْ حَقِّهِ خِيَانَةً ،
بَلْ هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ ، وَإِنْكَارُ مُنْكَرٍ . انْتَهَى مُخْتَصَرًا .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ )
وَأَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَوَسَكَتَ عَنْهُ ، ونَقَلَالْمُنْذِرِيُّتَحْسِينَالتِّرْمِذِيِّوَأَقَرَّهُ ،
وقَالَالزَّيْلَعِيُّقَالَابْنُ الْقَطَّانِ: وَالْمَانِعُ مِنْ تَصْحِيحِهِ أَنَّشَرِيكًا
وَقَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِمُخْتَلَفٌ فِيهِمَا . انْتَهَى . ،
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : وَصَحَّحَهُالْحَاكِمُوَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. انْتَهَى ،
وقَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : وفِي الْبَابِ عَنْأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍعِنْدَابْنِ الْجَوْزِيِّ
فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ : وفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ ،
وأَخْرَجَهُ أَيْضًاالدَّارَقُطْنِيُّ،
وعَنْأَبِي أُمَامَةَعِنْدَالْبَيْهَقِيِّوَالطَّبَرَانِيِّبِسَنَدٍ ضَعِيفٍ ،
وعَنْأَنَسٍعِنْدَالدَّارَقُطْنِيِّوَالطَّبَرَانِيِّوَالْبَيْهَقِيِّ،
وعَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عِنْدَأَحْمَدَوَأَبِي دَاوُدَوَالْبَيْهَقِيِّ،
وفِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولٌ آخَرُ غَيْرُ الصَّحَابِيِّ ؛
لِأَنَّيُوسُفَ بْنَ مَاهِكٍرَوَاهُ عَنْ فُلَانٍ عَنْ آخَرَ ،
وَقَدْ صَحَّحَهُابْنُ السَّكَنِوَعَنِالْحَسَنِمُرْسَلًا عِنْدَالْبَيْهَقِيِّ،
قَالَالشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ ،
وقَالَابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ ،
وقَالَأَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ ،
قَالَالشَّوْكَانِيُّ: لَا يَخْفَى أَنَّ وُرُودَهُ بِهَذِهِ الطُّرُقِ الْمُتَعَدِّدَةِ
مَعَتَصْحِيحِ إِمَامَيْنِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ لِبَعْضِهَا
وَتَحْسِينِ إِمَامٍ ثَالِثٍ مِنْهُمْ مِمَّا يَصِيرُ بِهِ الْحَدِيثُ مُنْتَهِضًا لِلِاحْتِجَاجِ .