الأ خت / فاتوووو
إياك أن تمكر به فيمكر بك
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
و على آله و صحبه أجمعين ،
وبعد
{ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }
{ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }
{ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ }
{ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
{ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ
فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }
{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ
إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ }
{ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }
{ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
{ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ
أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
{ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ }
{ اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ }
{ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }
{ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ}
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
إن التأمل في هذه الآيات ومعاودة قراءتها بتأنٍ وتدبر يغرس في القلب الخوف من المكر ،
فها هي عاقبة المكر تراها واضحة أمامك ، وكأن الآيات تقول لك
: إياك أن تمكر .. إياك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من غشَّنا فليس منَّا ، و المكرُ والخِداعُ في النَّارِ )
إن كثيرا من الناس يعيش في هذه الدنيا بالمكر ،
فتجده يتعامل مع زوجته بالمكر
، مع أبيه بالمكر، مع مديره وزميله في العمل بالمكر،
مع جاره ومن حوله بالمكر..
فيظن أنه يستطيع أن يمكر بالله !
كلمة خطيرة لابن الجوزي يقول فيها:
" تصر على المعاصي وتصانع ببعض الطاعات .
فتراه قد واعد البنت الفلانية ليقابلها غدا ،
ويجلس في المسجد أمام الخطيب وهو يفكر في الموعد..
أتمكر بربك؟!..
يأكل الحرام ويواعد على رشوة ،
ومع ذلك يصلي ويتصدق ويحجز مكانه لأداء العمرة..
تمكر بمن ؟!
وستجد من يجلس في المسجد يستغفر وهو يحمل علبة السجائر
وأعجب من هؤلاء جميعاً من إذا سمع بهذا الكلام قال معاندا :
"إذا والله لن أتوب ولن أصلي.."
لا .. أنا لا أقول ذلك الكلام لتقول هذا ،
ولكن أقوله لكي لا تمكر بربك..
فالذي قد واعد البنت الفلانية وجاء ليصلي يمكر..
وتعجب من قوله حين يسمع بهذا الكلام :
"أنا آسف ، لن أصلي بعد الآن"..
وهذا هو الغلط .. هذا هو العور في البصيرة ..
فبدلا من أن تقول:
"تبت إلى الله" ، تقول هذا الكلام؟!..
سلم يا رب سلم..
"تصر على المعاصي وتصانع ببعض الطاعات . إن هذا لمكر"
فالمفترض والمتوقع حينما أقول لك هذا الكلام أن تقول :
"لا للمعصية"،
لا أن تقول :
وفرق كبير بين الذي يعصي ثم يستغفر ويتوب ويندم
ويعزم على ألا يعود ، وبين من يمكر السيئات ..
وفرق كبير بين من يعمل السوء بجهالة ثم يتوب من قريب ،
وبين الذي يدبر ويمكر ويصر ويستمر .
هذا هو الملحظ الخطير عند تأمل الآيات السابقة :
إنك تجد التفريق بين من يتورط في المعصية عند غلبة الشهوة
مع الجهل وشدة الغفلة ، وبين من يمكر للموضوع ؛
فيحتال ويدبر ويحتاط ويتربص، ويبحث عن الشبهات ،
لذا كانت عقوبة الماكر أشد بكثير من عقوبة العاصي .
فلا تصانع بالطاعات وأنت مصر على المعاصي ،
ولا تقل : إذا لن أصلي حتى أنتهي عن المعاصي !!..
ولم لا تنتهي عن المعاصي وتستمر في الصلاة ؟
اللهم تب على كل عاص مسلم يا رب ..