الأخ / عبد العزيز - الفقير إلى الله
وإن كانت مجتمعاتنا تشجع المرأة على الخنوع والصمت والتسليم
وترى أنه هذا من موجبات الرقة والأنوثة
فإن للإسلام وجهة نظر مختلفة تماما !
فيما يلي صحابيات فهمن دينهن جيدا ..
فهمن أن الإسلام لا يقبل بأن يتعرضن لظلم
ولا يقبل أن يصمتن بحجة أن هذا يليق بالمرأة .
وإن كان المثل الفرنسي يقول :
فإن هؤلاء النسوة قلبن الطاولة على هذا المثل وكن هن أمثلة
المرأة التي جادلت فأنزلت سورة !
امرأة وقفت تجادل النبي وتحاوره امرأة جسورة وذات إصرار .
يجيبها النبي صلى الله عليه وسلم بأن ما فعله زوجها مباح
وأن عرف العرب يقرّه وأن لا حكم شرعيا يحرّم ذلك .
فلا تنصرف كما يفترض البعض ...
بل تجادله وتطالبه بحل مشكلتها وتشتكي إلى الله حالها .
ترى ماذا لو حدث هذا في زماننا ؟
أما كان القوم أهدروا دمها أو وصفوها بالوقاحة وسلاطة اللسان ؟
ماذا حدث لهذه المرأة التي لم تتزحزح عن حقها في إيجاد حد
نصرها الله بأن أنزل سورة كاملة تحل مشكلتها
وتنزل الحكم الشرعي والعقوبة بحق زوجها ومن يعمل عمله
وكرمها بأن سمّى السورة باسم ما فعلته
وجدلها هذا جدل محمود ممدوح
( فإن لصاحب الحقِّ مَقالًا )
كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم .
وسُمى الله هذا الجدل بالمحاورة
{... والله يسمع تحاوركما ...}
خولة بنت ثعلبة امرأة عادية لا نفوذ لها ولا سلطان سوى شعورها
بالظلم وشعورها الأعمق من ذلك بعدالة الله المطلقة .
لم تصمت حينما قيل لها أن الشرع صمت عن المسألة
بل أخذت تطالب حتى نزل الحكم الشرعي من فوق سبع سماوات .
ماذا نفعل ونحن في عصر وقف فيه الوحي ؟
لا تتوقعن أن تجدن حلا لكل مظالمكن في الشريعة
فهناك ما سُكت عنه وترك لتطور المجتمع كي يحله ويغيره .
قفن كما وقفت خولة رضي الله عنها تتحاور وتجادل
لم تنل خولة انتصارا لنفسها بل استصدرت حكما شرعيا تنتفع به
النساء وينتفع به المجتمع ويتطور إلى يوم الدين .
آه كم في ميزانك أيتها الشجاعة ؟
تقول الكاتبة والباحثة في التاريخ " لوريل ألريك "
" النساء المهذبات نادرا ما يدخلن التاريخ ".
النساء الخاضعات الساكتات السابحات مع التيار نادرا ما يدخلن
التاريخ نادرا ما يُكتبن في التاريخ ونادرا ما يكتبنه أيضا .
خولة بنت ثعلبة أنت امرأة كتبت جزء من تاريخ ديننا
فلتكتبي ولتذكري إلى يوم الدين .
بك سأباهيهم ..... بك سأفتخر .
لازلنا حتى اليوم نغلّب التذكير على التأنيث لغة !
فحين نخاطب جمعا من الرجال والنساء نقول لهم " أنتم "
حتى لو كن جماعة من النساء بينهن رجل واحد !
الحكيمة أم سلمة رضي الله عنها ذات العقل الراجح
مستشارة النبي صلى الله عليه وسلم رفعت إليه سؤالا :
" ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء فـي الهجرة ؟ "
كان بإمكان أحد من زماننا لو سمع سؤالها أن يقول لها :
أن هذا هو كلام العرب وأن التذكير لا يعني عدم شمولهن
وأن عليها ألا تكون حساسة إلى هذا الحد .
استجابة لسؤالها المستنير :
{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهُمْ أَنّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ
مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ ...}
ثم فعلت نسوة مثلما فعلت هي أيضا !
دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلن :
قد ذَكَركُم الله في القرآن ولم نُذكَر بشيء أما فينا ما يذكر ؟
{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }
والأرجح والله أعلم أن يكون فعل النساء هذا بعد فعل أم سلمة .
فسورة آل عمران في ترتيب النزول تسبق سورة الأحزاب .
كل هذا ما كان ليحدث لولا مطالبة وسؤال شجاع من أم سلمة .
هل طالبت بالكثير وغير المعقول ؟
ماذا يضر المرأة لو ظلت ضمن جماعة الرجال ؟
أليست هذه هي اللغة ونحن نخضع لها ولا نُخضعها ؟
كلا رفعت أم سلمة رضي الله عنها السقف عاليا جدا .
لقد علمتنا أن ما نستحقه لا يأتي بالضرورة على أطباق مزيّنة
بل لا بد من مطالبة به وسؤال عنه حتى
وإن استنكر البعض أو الكل هذا السؤال
فإن الله لا يستحيي من الحق ولا يستنكره
بل يستجيب له استجابة تليق بما هو أهله من اللطف والرحمة