( مرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جَوارٍ مِن بني النَّجَّارِ
وهنَّ يَضرِبنَ بالدُّفِّ ويَقُلْنَ:
نحن جَوارٍ مِن بني النَّجَّارِ يا حبَّذا مُحمدٌ مِن جارِ )
وفي صحيح البخاري عن معمر، عن عبد الوارث، عن عبد العزيز،
( رأى النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم النساءَ والصِّبيانَ مُقبِلينَ - قال :
حسِبتُ أنه قال - مِن عُرسٍ، فقام النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُمَثِّلًا فقال :
اللهم أنتم من أحبِّ الناسِ إليَّ قالها ثلاثَ مِرارٍ )
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي :
حدثني عبد العزيز بن صهيب، ثنا أنس بن مالك قال:
( أقبل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى المدينةِ وهو مردفٌ أبا بكرٍ،
وأبو بكرٍ شيخٌ يُعرف، ونبيُّ الله شابٌّ لا يُعرف،
قال : فيلقى الرجلُ أبا بكرٍ فيقول : يا أبا بكرٍ، من هذا الرجل الذي بين يدَيك،
فيقول : هذا الرجلُ يهديني السبيلَ .
قال : فيحسب الحاسبُ أنه إنما يعني الطريقَ، وإنما يعني سبيلَ الخيرِ .
فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارسٍ قد لحقهم،
فقال : يا رسولَ اللهِ، هذا فارسٌ قد لحق بنا .
فالتفت نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : اللهمَّ اصرعْه
فصرعه الفرسُ، ثم قامت تحمحِمُ،
فقال : يا نبيَّ اللهِ، مُرني بما شئتَ،
قال : فقفْ مكانَك، لا تتركن أحدًا يلحق بنا
قال : فكان أولَ النهارِ جاهدًا على نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ،
وكان آخرَ النهارِ مسلحةً له، فنزل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
جانب الحرَّةِ، ثم بعث إلى الأنصارِ فجاؤوا إلى نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
وأبي بكرٍ فسلَّموا عليهما،
وقالوا : اركبا آمنَين مطاعَين . فركب نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأبو بكرٍ،
وحفُّوا دونهما بالسلاحِ، فقيل في المدينةِ :
جاء نبيُّ اللهِ، جاء نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأشرفوا ينظرون ويقولون :
جاء نبيُّ اللهِ، جاء نبيُّ اللهِ، فأقبل يسير حتى نزل جانبَ دارِ أبي أيوبٍ،
فإنه ليحدِّث أهلَه إذ سمع به عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ،
وهو في نخلٍ لأهلِه يخترفُ لهم، فعجِل أن يضع الذي يخترفُ لهم فيها،
فجاء وهي معه، فسمع من نبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم رجع إلى أهلِه .
فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أي بيوتُ أهلِنا أقربُ
فقال أبو أيوبٍ : أنا يا نبيَّ اللهِ، هذه داري وهذا بابي،
قال : فانطلِق فهيئْ لنا مقيلًا
قال : قوما على بركةِ اللهِ، فلما جاء نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
جاء عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ فقال : أشهدُ أنك رسولُ اللهِ، وأنك جئت بحقٍّ،
وقد علمتْ يهودُ أني سيدُهم وابنُ سيدِهم، وأعلمُهم وابنُ أعلمِهم،
فادعُهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمتُ،
فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمتُ قالوا في ما ليس فيَّ
فأرسل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأقبلوا فدخلوا عليه،
فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : يا معشرَ اليهودِ، ويلكم، اتقوا اللهَ،
فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسولُ اللهِ حقًّا،
وأني جئتُكم بحقٍّ، فأسلِموا قالوا : ما نعلمه،
قالوا للنبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالها ثلاثَ مرارٍ،
قال : فأيُّ رجلٍ فيكم عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ
قالوا : ذاك سيدُنا وابنُ سيدِنا، وأعلمُنا وابنُ أعلمِنا .
قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلمَ،
قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلِمَ،
قالوا : حاشى للهِ ما كان ليسلمَ،
قال : يا ابنَ سلامٍ اخرجْ عليهم
فخرج فقال : يا معشرَ اليهودِ اتقوا اللهَ، فواللهِ الذي لا إله إلا هو،
إنكم لتعلمون أنه رسولُ اللهِ، وأنه جاء بحق .
فقالوا : كذبتَ، فأخرجَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ )
وثبت في (الصحيحين) :
( من أكَلَ ثومًا ، أو بَصلًا ، فليعتَزِلْنا ، أو ليعتَزِلْ مسجِدَنا ، وليقعُدْ في بيتِهِ ،
وإنَّهُ أُتِيَ ببدرٍ فيهِ خَضِراتٌ منَ البقولِ ، فوجدَ لَها ريحًا ،
فَسألَ فأُخْبِرَ بما فيها منَ البقولِ فقالَ قرِّبوها إلى بعضِ أصحابِهِ كانَ معَهُ ،
فلمَّا رآهُ كرِهَ أكْلَها قالَ : كل فإنِّي أُناجي من لا تُناجي )
وكذلك نزوله عليه السلام في دار بني النجار واختيار الله له ذلك منقبة
عظيمة وقد كان في المدينة دور كثيرة تبلغ تسعاً كل دار محلة مستقلة
بمساكنها ونخيلها وزروعها وأهلها،
كل قبيلة من قبائلهم قد اجتمعوا في محلتهم وهي كالقرى المتلاصقة،
فاختار الله لرسول الله دار بني مالك بن النجار.
وقد ثبت في (الصحيحين)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( خيرُ دورِ الأنصارِ بنو النَّجَّارِ ، ثمَّ بنو عبدِ الأشهلِ ،
ثمَّ بنو الحارثِ بنِ الخزرجِ ، ثمَّ بنو ساعدةَ ، وفي كلِّ دورِ الأنصارِ خيرٌ
فقالَ سعدُ : ما أرى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم إلَّا قد فضَّلَ علينا ؟
فقيلَ : قد فضَّلَكم على كثيرٍ )
قد ثبت لجميع من أسلم من أهل المدينة وهم الأنصار الشرف
والرفعة في الدنيا والآخرة.
{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لمَّا أعطي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما أَعطي من تلكَ في قُرَيْشٍ
وقبائلِ العربِ ، فذكرَ الحديثَ وفيه والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ ،
لَولا الهجرةُ لَكُنتُ امرَءًا منَ الأنصارِ ،
ولو سلَكَ النَّاسُ شِعبًا لسلَكْتُ شِعبَ الأنصارِ ، اللَّهمَّ ارحمِ الأنصارَ ،
وأبناءَ الأنصارِ ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ.
قالَ: فبَكَى الأنصار حتَّى أخضَلوا لِحاهم ،
وقالوا: رَضينا برَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَسمًا وحظًّا )
وقال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال، ثنا شعبة،
سمعت البراء بن عازب يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم –
أو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -:
( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق،
فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله ).
وقال البخاري أيضاً: حدثنا مسلم بن إبراهيم :
ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبير:
عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار ).
وما أحسن ما قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس المتقدم ذكره
أحد شعراء الأنصار في قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
ونصرهم إياه ومواساتهم له ولأصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
ثوى في قريش بضع عشرة حجةً يـذكـر لـو يـلـقـى صـديـقـاً مـواتيا
ويـعـرض فـي أهـل المواسم نفسه فـلـم يـر مـن يـؤوي ولـم ير داعيا
فـلـمـا أتـانـا واطـمـأنـت به النوى وأصـبـح مـسـروراً بطيبة راضيا
وألـفـى صديقاً واطمأنت به النوى وكــان لــه عــونــاً مـن الله بـاديـا
يـقـص لـنـا مـا قـال نـوح لـقـومـه ومـا قـال مـوسى إذ أجاب المناديا
فأصبح لا يخشى من الناس واحداً قـريـبـاً ولا يخشى من الناس نائيا
بـذلـنـا لـه الأمـوال مـن جـل مالنا وأنـفـسـنـا عـنـد الـوغـى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم جـمـيعاً ولو كان الحبيب المواسيا
ونــعــلــم أن الله لا شــيء غـيـره وأن كــتــاب الله أصــبــح هــاديـا
أقـول إذا صـلـيـت فـي كـل بـيـعـة حـنـانـيـك لا تظهر علينا الأعاديا
أقـول إذا جـاوزت أرضـاً مـخـيفة تـبـاركـت اسـم الله أنـت الـمـوالـيا
فـطـأ مـعـرضاً إن الحتوف كثيرة وأنــك لا تــبـقـي لـنـفـسـك بـاقـيـا
فـوالله مـا يـدري الفتى كيف سعيه إذا هــو لــم يـجـعـل لـه الله واقـيـا
ولا تـحـفـل الـنـخـل الـمعيمة ربها إذا أصـبـحـت ريـا وأصـبـح ثاويا
ذكرها ابن إسحاق وغيره ورواها عبد الله بن الزبير الحميدي وغيره،
عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري،
عن عجوز من الأنصار قالت:
رأيت عبد الله بن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يروي هذه الأبيات
في الله اخوكم مصطفى الحمد