عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-06-2013, 09:23 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي أعلام المسلمين عمر بن عبد العزيز

الأخ الزميل / فاخر الكيالى

أعلام المسلمين

رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رؤيا ، فقام من نومه يردد :
مَنْ هذا الأشجُّ من بني أمية ، ومِنْ ولد عمر يُسَمى عمر ،
يسير بسيرة عمر ويملأ الأرض عدلاً .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ومرت الأيام ، وتحققت رؤيا أمير المؤمنين ، ففي منطقة حلوان
بمصر حيث يعيش وإلى مصر عبد العزيز بن مروان وزوجته ليلى
بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وُلِد عمر بن عبد العزيز سنة 61هـ ،
وعني والده بتربيته تربية صالحة ، وعلَّمه القراءة والكتابة ،
لكن عمر رغب أن يغادر مصر إلى المدينة ليأخذ منها العلم ،
فاستجاب عبد العزيز بن مروان لرغبة ولده وأرسله إلى واحد من
كبار علماء المدينة وصالحيها وهو (صالح بن كيسان) .

حفظ عمر بن عبد العزيز القرآن الكريم ، وظهرت عليه علامات
الورع وأمارات التقوى ،
حتى قال عنه معلِّمه صالح بن كيسان :
ما خَبَرْتُ أحدًا -الله أعظم في صدره- من هذا الغلام ،
وقد فاجأته أمه ذات يوم وهو يبكي في حجرته ،
فسألته :
ماذا حدث لك يا عمر ؟
فأجاب :
لا شيء يا أماه إنما ذكرتُ الموت ، فبكت أمه .
وكان معجبًا إعجابًا شديدًا بعبد الله بن عمر -رضي الله عنه-
وكان دائمًا يقول لأمه :
تعرفين يا أماه لأكونن مثل خالي عبد الله بن عمر ،
ولم تكن هذه الأشياء وحدها هي التي تُنبئ بأن هذا الطفل الصغير
سيكون علمًا من أعلام الإسلام ،
بل كانت هناك علامات أخرى تؤكد ذلك ،
فقد دخل عمر بن العزيز إلى إصطبل أبيه ، فضربه فرس فشجَّه
(أصابه في رأسه) فجعل أبوه يمسح الدم عنه ،
ويقول :
إن كنتَ أشجَّ بني أمية إنك إذن لسعيد .
وكان عمر نحيف الجسم أبيض الوجه حسن اللحية ، وتمضي الأيام
والسنون ليصبح عمر بن عبد العزيز شابًّا فتيًّا ، يعيش عيشة هنيئة
يلبس أغلى الثياب ، ويتعطر بأفضل العطور ، ويركب أحسن الخيول
وأمهرها ، فقد ورث عمر عن أبيه الكثير من الأموال والمتاع
والدواب ، وبلغ إيراده السنوي ما يزيد على الأربعين ألف دينار،
وزوَّجه الخليفة عبد الملك بن مروان ابنته فاطمة ،
وكان عمر -رضي الله عنه- وقتها في سن العشرين من عمره ،
فازداد غِنًى وثراءً .

ولما بلغ عمر بن عبد العزيز الخامسة والعشرين ، اختاره الخليفة
الأموي الوليد بن عبد الملك ليكون واليًا على المدينة وحاكمًا لها ،
ثم ولاه الحجاز كله ، فنشر الأمن والعدل بين الناس ،
وراح يعمِّر المساجد ، بادئًا بالمسجد النبوي الشريف ، فحفر الآبار ،
وشق الترع ، فكانت ولايته على مدن الحجاز كلها خيرًا وبركة ،
شعر فيها الناس بالأمن والطمأنينة .
واتخذ عمر بن عبد العزيز مجلس شورى من عشرة من كبار فقهاء
المدينة على رأسهم التابعي الجليل (سعيد بن المسيِّب)
فلم يقطع أمرًا بدونهم ، بل كان دائمًا يطلب منهم النصح والمشورة ،
وذات مرة جمعهم ،
وقال لهم :
إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه ، ونكون فيه أعوانًا على الحق ،
ما أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم ،
فإن رأيتم أحدًا يتعدَّى أو بلغكم عن عامل (حاكم) ظلامة فأُحرج بالله
على من بلغه ذلك إلا أبلغني ، فشكروه ثم انصرفوا ،
وظل عمر بن عبد العزيز في ولاية المدينة ست سنوات إلى أن عزله
الخليفة الوليد بن عبد الملك لأن الحجاج أفهمه أن عمر أصبح يشكل
خطرًا على سلطان بني أمية .
ذهب عمر إلى الشام ومكـث بها إلى أن مـات الـوليد بن عبد الملك ،
وتولى الخلافة بدلاً منه أخوه سليمان بن عبد الملك ،
وكان يحب عمر ، ويعتبره أخًا وصديقًا ويأخذ بنصائحه ،
وذات يوم مرض الخليفة مرض الموت ، وشعر بأن نهايته قد اقتربت ،
فشغله أمر الخلافة حيث إن أولاده كلهم صغار لا يصلحون لتولي أمور الخلافة ،
فشاور وزيره (رجاء بن حيوة) العالم الفقيه في هذا الأمر ،
فقال له :
إن مما يحفظك في قبرك ويشفع لك في أخراك ، أن تستخلف على
المسلمين رجلا صالحًا .
قال سليمان :
ومن عساه يكون؟
قال رجاء :
عمر بن عبد العزيز .
فقال سليمان :
رضيت ، والله لأعقدن لهم عقدًا ،
لا يكون للشيطان فيه نصيب ، ثم كتب العهد ، وكلف (رجاء) بتنفيذه
دون أن يَعْلَمَ أحدٌ بما فيه .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مات سليمان ، وأراد (رجاء بن حيوة) تنفيذ العهد لكن عمر كان لا
يريد الخلافة ، ولا يطمع فيها ، ويعتبرها مسئولية كبيرة أمام الله ،
شعر عمر بن عبد العزيز بالقلق وبعظم المسئولية ، فقرر أن يذهب
على الفور إلى المسجد حيث يتجمع المسلمون ،
وبعد أن صعد المنبر قال :
لقد ابتليتُ بهذا الأمر على غير رَأْي مِنِّي فيه ، وعلى غير مشورة
من المسلمين ، وإني أخلع بيعة من بايعني ، فاختاروا لأنفسكم ،
لكن المسلمين الذين عرفوا عدله وزهده وخشيته من الله أصرُّوا على
أن يكون خليفتهم ،
وصاحوا في صوت واحد :
بل إياك نختار يا أمير المؤمنين ، فبكي عمر .
وتولى الخلافة في يوم الجمعة ، العاشر من صفر سنة 99هـ ،
ويومها جلس حزينًا مهمومًا ، وجاء إليه الشعراء يهنئونه
بقصائدهم ، فلم يسمح لهم ،
وقال لابنه:
قل لهم :
{ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم }
[يونس: 15]
دخلت عليه زوجته فاطمة وهو يبكي ، فسألته عن سرِّ بكائه ،
فقال :
إني تَقَلَّدْتُ (توليت) من أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أسودها
وأحمرها ، فتفكرتُ في الفقير الجائع ، والمريض الضائع ،
والعاري والمجهود ، والمظلوم المقهور ، والغريب الأسير ، والشيخ
الكبير ، وذوي العيال الكثيرة ، والمال القليل ، وأشباههم في أقطار
الأرض وأطراف البلاد ، فعلمتُ أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة ،
فخشيتُ ألا تثبتَ لي حجة فبكيتُ .

رد مع اقتباس