( ممَا جَاءَ فِي : ثَمَنِ الْكَلْبِ )
حَدَّثَنَامُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍحَدَّثَنَاعَبْدُ الرَّزَّاقِأَخْبَرَنَامَعْمَرٌعَنْيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
عَنْإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍعَنْالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَرضى الله تعالى عنهم
عَنْرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضى الله تعالى عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ
( كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ وَ مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَ ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ)
قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ
وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضى الله تعالى عنهم
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُرَافِعٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهُوا ثَمَنَ الْكَلْبِ
وَهُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّوَأَحْمَدَوَإِسْحَقَ
وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ .
قَوْلُهُ : ( كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ إِلَخْ )
أَيْ : مَكْرُوهٌ لِدَنَاءَتِهِ ،
قَالَ الْقَاضِي : الْخَبِيثُ فِي الْأَصْلِ مَا يُكْرَهُ لِرَدَاءَتِهِ وَخِسَّتِهِ وَيُسْتَعْمَلُ لِلْحَرَامِ ،
مِنْ حَيْثُ كَرِهَهُ الشَّارِعُ وَاسْتَرْذَلَهُ كَمَا يُسْتَعْمَلُ الطَّيِّبُ لِلْحَلَالِ
{ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ }
أَيْ : الْحَرَامَ بِالْحَلَالِ
وَلَمَّا كَانَ مَهْرُ الزَّانِيَةِ حَرَامًا كَانَ الْخُبْثُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ بِمَعْنَى الْحَرَامِ ،
وَكَسْبُ الْحَجَّامِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا ؛
لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ
كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الثَّانِي ،
وأَمَّا نَهْيُ بَيْعِ الْكَلْبِ فَمَنْ صَحَّحَهُ كَالْحَنَفِيَّةِ فَسَّرَهُ بِالدَّنَاءَةِ ،
وَمَنْ لَمْ يُصَحِّحْهُ كَأَصْحَابِنَا فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ حَرَامٌ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( و فِي الْبَابِ عَنْعُمَرَ)
أَخْرَجَهُالطَّبَرَانِيُّذَكَرَهُالزَّيْلَعِيُّفِي نَصْبِ الرَّايَةِ
(وَابْنِ مَسْعُودٍ)لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثِهِ
(وَجَابِرٍ)أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ،وَمُسْلِمٌ،وَأَبُو دَاوُدَ
(وَأَبِيهُرَيْرَةَ)أَخْرَجَهُابْنُ حِبَّانَفِي صَحِيحِهِوَالدّارَقُطْنيُّفِي سُنَنِهِ ذَكَرَهُالزَّيْلَعِيُّ
(وَابْنِعَبَّاسٍ)أَخْرَجَهُأَحْمَدُ،وَأَبُو دَاوُدَ (
(وَابْنِ عُمَرَ)أَخْرَجَهُالْحَاكِمُ
(وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ)لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثِهِ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُرَافِعٍحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
قَوْلُهُ : ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِكَرِهُوا ثَمَنَ الْكَلْبِ إِلَخْ )
قَالَالطِّيبِيُّ : فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ
وَأَنْ لَاقِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّمًا ،
أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَيَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ أَمْ لَا ،
وأَجَازَأَبُو حَنِيفَةَبَيْعَ الْكَلْبِ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ ، وأَوْجَبَ الْقِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ ،
الْأُولَى - لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ ،
والثَّانِيَةُ - كَقَوْلِأَبِي حَنِيفَةَ
وَالثَّالِثَةُ - كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ . انْتَهَى ،
وقَالَالشَّوْكَانِيُّفِي النَّيْلِ : وَقَالَعَطَاءٌوَالنَّخَعِيُّ
يَجُوزُ بَيْعُ كَلْبِ الصَّيْدِ دُونَ غَيْرِهِ ،
ويَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُالنَّسَائِيُّمِنْ حَدِيثِ
عنجَابِرٍ بن عبدالله رضى الله تعالى عنهقَالَ :
[ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ]
قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ طُعِنَ فِي صِحَّتِهِ ،
وأَخْرَجَ نَحْوَهُالتِّرْمِذِيُّمِنْ حَدِيثِأَبِي هُرَيْرَةَلَكِنْ مِنْ رِوَايَةِأَبِي الْمُهَزَّمِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ
وَيَكُونُ الْمُحَرَّمُ بَيْعَ مَا عَدَا كَلْبَ الصَّيْدِ إِنْ صَحَّ هَذَا الْمُقَيَّدُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ ،
واخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفِهِ ؟
فَمَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ بَيْعِهِ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ ،
وَمَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ قَالَ بِالْوُجُوبِ ،
ومَنْ فَصَّلَ فِي الْبَيْعِ فَصَّلَ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ .