الأخ / مصطفى آل حمد
من أعلام المسلمين
يعقوب بن إبراهيم الأنصاري - يرحمه الله
في مدينة الكوفة ولد أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري سنة
113هـ، وتطلع إلى العلم والدراسة فلم يجد خيرًا من مجلس الفقيه
الكبير (أبي حنيفة) فتتلمذ على يديه ، ودرس عنده أصول الدين
والحديث والفقه .
ولصحبته لأبي حنيفة قصة يرويها لنا ( أبو يوسف ) فيقول :
كنت أطلب الحديث والفقه عند أبي حنيفة ،
وأنا مقل ( يعني قليل المال ) رث الحال والهيئة ،
فجاءني أبي يومًا فانصرفت معه ،
فقال لي :
يا بني ، لا تمد رجلك مع أبي حنيفة (أي لا تذهب إليه)
فإن أبا حنيفة خبزه مشوي (يقصد أنه غني وقادر على أن يعيش عيشة كريمة )
وأنت تحتاج إلى معاش
(عمل حتى تنفق على نفسك ولا تنقطع للعلم ) .
فقصرت عن كثير من الطلب (أي طلب العلم) وآثرت طاعة أبي .
فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني ، فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخريعنه ؛
فقال لي : ما شغلك عنا ؟
قلت : الشغل بالناس وطاعة والدي ، وجلست حتى انصرف الناس ،
ثم دفع لي صرة وقال :استمتع بها .
فنظرت فإذا فيها مائة درهم وقال :
إلزم الحلقة وإذا أفرغت هذه ( إذا أنفقتها )
فأعلمني ، فلزمت الحلقة ، فلما قضيت مدة يسيرة ، دفع إليَّ مائة
أخرى ، ثم كان يتعهدني (يرعاني) وما أعلمته بقلة قط ،
ولا أخبرته بنفاد شيء ، وكأنه يخبر بنفادها وظل كذلك حتى
استغنيت .
ولم يكن لأبي حنيفة تلميذ في نجابة أبي يوسف وذكائه ، فقد استمر
في تلقي العلم حتى حفظ التفسير والحديث والمغازي وأيام العرب ،
وسار أبو يوسف على نهج أستاذه أبي حنيفة في الفقه ، إلا أنه كانت
له اجتهادات خاصة به ، وألف كتبًا كثيرة أشهرها كتاب (الخراج)
وهو رسالة في إدارة المال العام والقضاء .
وقد قربه الخليفة (هارون الرشيد) إليه ، وولاه القضاء ، ومنحه لقب
قاضي القضاة ، وكان يستشيره في أمور الدين والدنيا .
وفي عام (182هـ) مات أبو يوسف وهو يقول :
اللهم إنك تعلم أنني لم أجر في حكم حكمت فيه بين اثنين من عبادك
تعمدًا، وقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك صلى الله
عليه وسلم ، وكلما أشكل عليَّ أمر جعلت أبا حنيفة بيني وبينك .
ومات الفقيه أبو يوسف ، فحزن عليه الناس جميعًا .
وقال صديقه أبو يعقوب الحريمي :
( اليوم مات الفقيه )..
فرحم الله أبا يوسف وأسكنه فسيح جناته .
موسوعة الاسرة المسلمة
والله المستعان وعليه التكلان .
في الله اخوكم مصطفى الحمد