عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-04-2013, 12:27 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وفي اليوم التَّالي وهو يوم عرفة ، بدأ التَّهيُّؤ للصعود إلى عرفة
ركب الشَّيخ سيَّارة خاصَّة مع صهره وأبي ليلي ، وركبنا حافلة صغيرة مع طلبة الشَّيخ ،
ولـمَّا وصلنا إلى عرفة أخذ كلٌّ منَّا مكانه في الخيمة المخصَّصة للحملة ،
وجلست قريبًا من الشَّيخ أرقب ما يصنع في هذا اليوم ،
فرأيت فيه الاتِّباع للسُّنَّة والاجتهاد في العبادة ما لم نكن نسمعه عن الشَّيخ ،
فلم يزل يذكر الله تعالى ويكبره ويعظمه ، بل قد يستلقي أحدنا من شدَّة التَّعب
والحرارة [ ولم يكن يومئذ مكيِّفات في الخيم ] والشَّيخ باق على ذكره ،
وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويرشد المخطئ ،
إذا رأى شخصًا يقرأ في كتاب الله نصحه بالذِّكر الوارد في هذا اليوم
لأنَّه أفضل من قراءة القرآن ، ويأتيه السَّائل يسأله فيجيب الشَّيخ عن سؤاله
، وأذكر أنَّه جاءه أحد العمَّال المصريِّين وكان يشتغل في نصب خيام الحجاج
، وبدا له أن يحجَّ في ذاك اليوم ، فاستفسر منه الشَّيخ هل النِّيَّة عقدها
ذاك اليوم أم قبله ؟ فأجابه بأنَّه لما رأى الحجيج أراد أن يحجَّ ونواه ،
فأمره الشَّيخ أن يلبِّــي بالحجِّ ويحرم من مكانه .
وكان الشَّيخ يؤتــي له في بعض الأحيان بالحلو البارد [ البطِّيخ ]
فكان يطعمني منه - جزاه الله خيرًا – لأنَّني كنت أقرب النَّاس مجلسًا منه
في ذاك اليوم ، ويعلم الله كم تأثَّرت بكثرة عبادته وذكره ،
خلاف ما يشاع عنه أنَّه يعني فقط الأسانيد ولا اجتهاد له في العبادة ،
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }
[ فاطر :28 ] .
وفي مغرب ذاك اليوم وعند النُّفرة ركب الشَّيخ سيارته وركبنا معه الحافلة
المخصَّصة لنا ، وكان الزِّحام شديدًا ، فالتقينا ببعض أهل اليمن
يركبون حافلة لهم فبلَّغوا سلام الشَّيخ مقبل رحمه الله للشَّيخ الألباني
وهو بدوره أمرهم بتبليغ سلامه للشَّيخ مقبل كثيرًا .
وفي اليوم التَّالي وهو يوم النَّفر من مزدلفة إلى منى فقدنا سيارة الشَّيخ
فافترقنا ، وقمنا بإعمال الحجِّ في ذاك اليوم دون أن نكون مع الشَّيخ
وتحسَّرنا كما تحسَّر من كان معنا من تلامذته .
وبعد أن أدينا المناسك رجعنا إلى الخيمة في منى والتقينا بالشَّيخ مرَّة أخرى
فرحب كعادته وسأل عن أوضاعنا وحجّنا جزاه الله خيرًا .
وفي اليوم الأوَّل من أيَّام التَّشريق رَافَقْنَا الشَّيخ إلى المذبح لأداء نسك الذَّبح
مع صهره بسيَّارته الخاصَّة ورافقنا أبو ليلي ورجل من أهل مكَّة
ممَّن يعرف الشَّيخ ، وذبح الشَّيخ كبشًا أقرن أملح من أجود الغنم وهو
ما يسمَّى بالحرِّي ، أمَّا أنا وأخي جمال فبحكم كوننا من طلبة الجامعة
الإسلاميَّة اكتفينا بأقلِّ الغنم ثمنًا ، ولما رآهما الشَّيخ دعا لنا بالبركة فيهما .
وفي موضع النَّحر دخلنا مع الشَّيخ وصهره والرَّجل المكِّي ،
وحدث أن شرد جمل بين الإبل كاد أن يصدمنا فتفرَّق النَّاس يمينًا وشمالاً ،
ولــمَّا رجعت إلى الشَّيخ أصابت ثيابي دماء النَّحر والذَّبح
فلمَّا رآني الشَّيخ تمثَّل لي بالمثل السُّوري :
" يلِّي بدو يلعب مع القط بدو يتحمل خراميشو "
وعند العودة إلى المخيَّم اغتنمت فرصة الانفراد بالشَّيخ ،
فأخبرته أنَّني أحبُّه في الله ، فردَّ عليَّ بما جاءت به السُّنَّة .

رد مع اقتباس