عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-05-2013, 07:28 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنَ الْعَرَايَا لَا بَيْعَ فِيهِمَا ،
وجَمِيعُ هَذِهِ الصُّوَرِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ ،
وقَصَرَ مَالِكٌ الْعَرِيَّةَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ،
وقَصَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍعَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ ،
وَزَادَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا الرُّطَبَ ، وَلَا يَشْتَرُوهُ لِتِجَارَةٍ ، وَلَا ادِّخَارٍ ،
وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صُوَرَ الْبَيْعِ كُلَّهَا وَقَصَرَ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْهِبَةِ ،
وَهُوَ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ تَمْرَ نَخْلَةٍ مِنْ نَخْلِهِ ، وَلَا يُسَلِّمَ ذَلِكَ لَهُ ،
ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي ارْتِجَاعِ تِلْكَ الْهِبَةِ ،
فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَحْتَبِسَ ذَلِكَ وَيُعْطِيَهُ بِقَدْرِ مَا وَهَبَهُ لَهُ مِنَ الرُّطَبِ بِخَرْصِهِ تَمْرًا،
وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُهُ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ ،
وتُعُقِّبَ بِالتَّصْرِيحِ بِاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَكَمَا تَقَدَّمَ ،
وفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ ،
وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ
أَنَّ مَعْنَى الرُّخْصَةِ أَنَّ الَّذِي وُهِبَتِ لَهُ الْعَرِيَّةُ لَمْ يَمْلِكْهَا ؛
لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطَى بَدَلَهَا تَمْرًا ،
وَهُوَ لَمْ يَمْلِكِ الْبَدَلَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْبَدَلَ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى ، وَكَانَ رُخْصَةً،
وَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ، بَلْ مَعْنَى الرُّخْصَةِ فِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ مَأْمُورٌ بِإِمْضَاءِ مَا وَعَدَ بِهِ ،
وَيُعْطِي بَدَلَهُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَا وَعَدَ بِهِ وَيُعْطِيَ بَدَلَهُ ،
وَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ مَنْ أَخْلَفَ وَعْدَهُ ، ظَهَرَ بِذَلِكَ مَعْنَى الرُّخْصَةِ ،
واحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ بِأَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرِيَّةَ الْعَطِيَّةُ ، وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ؛
لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ أَصْلِ الْعَرِيَّةِ الْعَطِيَّةَ أَنْ لَا تُطْلَقَ الْعَرِيَّةُ شَرْعًا عَلَى صُوَرٍ أُخْرَى ،
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : الَّذِي رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ
فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ : وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي السَّلَمِ
مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ قَالَ فَمَنْ أَجَازَ السَّلَمَ
مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) ،
وَمَنَعَ الْعَرِيَّةَ مَعَ كَوْنِهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ ، فَقَدْ تَنَاقَضَ ،
وأَمَّا حَمْلُهُمْ الرُّخْصَةَ عَلَى الْهِبَةِ فَبَعِيدٌ مَعَ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِالْبَيْعِ
وَاسْتِثْنَاءِ الْعَرَايَا مِنْهُ ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْهِبَةَ لَمَا اسْتُثْنِيَتِ الْعَرِيَّةُ مِنَ الْبَيْعِ ،
وَ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالرُّخْصَةِ ، وَالرُّخْصَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مَمْنُوعٍ ،
وَالْمَنْعُ إِنَّمَا كَانَ فِي الْبَيْعِ لَا الْهِبَةِ ، وَبِأَنَّ الرُّخْصَةَ قُيِّدَتْ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ ،
أَوْ مَا دُونَهَا ، وَالْهِبَةُ لَا تَتَقَيَّدُ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ ، وَغَيْرِهِ ،
وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الرُّجُوعُ جَائِزًا فَلَيْسَ إِعْطَاؤُهُ بِالتَّمْرِ بَدَلَ الرُّطَبِ ،
بَلْ هُوَ تَجْدِيدُ هِبَةٍ أُخْرَى ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَا يَجُوزُ فَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُهُمْ . انْتَهَى .


التعديل الأخير تم بواسطة بنت الاسلام ; 06-05-2013 الساعة 07:36 PM
رد مع اقتباس