الأخت / أحلام عبدالعزيز
أربع عشتها في الحياة خرج القبطان كعادته من منصة القيادة يمشي على ظهر السفينة
تفاجأ بوجود الركاب وجميع البحارة أمامه وهم واقفين يلتقطونه
بأعينهم دون أن ترمش ولو برمشة واحدة وصل اليهم
وقال: ويلكم ماذا تفعلون أليس لديكم أعمالا تقومون بها
نظروا جميعا الى مساعده التفت القبطان اليه
وقال : ماذا هناك أيها المساعد هل نقصت المؤونة
أجابه المساعد مسرعا : لا لا أيها القبطان السفينة وحالة الطقس
كلاهما يسيران على ما يرام
ولكن أجابه القبطان : ولكن ماذا
وقال: المساعد منذ الصباح والجميع ينتظرون
ضحك القبطان بصوت عالي وضرب المساعد على ظهره
وقال: أخفتني يا رجل أذهب حالا وأحضر الصندوق الآخر
تنفس البحارة الصعداء وازدادت نبضات قلوبهم وهم لا ينطقون
ببنت شفه بانتظار الحياة الثانية التي تتربع داخل الصندوق
الحياة الثانية حياة عجيبة مثيرة لعلها بالنسبة لي تعتبر أعجب
وأفضل وأذهل أنواع الحياة التي أعيشها بالفعل هي عجيبة كيف
لا وبمقدورك حينها تدخل هذه الحياة أن تنتقا كيفما تشاء وكأنك
تحمل معك آلة الزمن التي تذهب بك الى أي قرن تريده تستطيع حتى
أن تذهب الى أفضل القرون قرن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه
تكون هناك معهم تسمع ما يقولون وتشاهد ما يفعلون تشارك معهم
في الغزوات والمعارك وتفتح معهم الحصون والقلاع بل تستطيع أن
تطير في السماء وتبحر في البحار وتسير في الأرض وأنت جالس
في غرفتك بين أهلك وأحبتك كل ذالك وأكثر تجده في هذه الحياة انها
حياة القراءة حياة تبحر بها في المحيط لا قاع له وتحلق في سماءلا
حدود له حياة وأي حياة هي يقول :
عالم الطبيعيات الانجليزي جلبرت وايت :
[ ليس هناك كتب أو أكوام من الورق الميتة على الرفوف بل هي
عقول حية يخرج من كل منها صوت عندما تتناول أحد هذه الكتب
وتفتحه يمكنك استدعاء مجموعة من أصوات البشر البعيدة
في الزمان والفضاء السحيق وتسمع الانسان يتحدث الينا عقلا
هذا العالم وأكثر ووالله أنني كنت أعيشها لحظة بلحظة حينما
قلبت صفحات رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم كنت معه
في كل مواقفه ولادته وحتى مماته كنت معه في أحلك الظروف
والمواقف كنت معه في غزواته وفتوحاته كانوا قريبين مني جدا
لدرجة أنني وكأني واقفة وأشاهد تلك الأحداث من الأعلى ويدل
على ذلك ما يحكى أنه قيل لإبن المبارك يا أبا عبد الرحمن لو خرجت
فجلست مع أصحابك قال: اني اذا كنت في المنزل جالست
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يعني بالقراءة ويردف الكاتب
والروائي الأمريكي ويليام ستايرون ان الكتاب يجعلك تعيش أكثر
من حياة وأنت تقرؤه أسمعت أكثر من حياة عليك بالكتاب فانه
خير الأصحاب وهو روح المآنسة
وقوت المجالسة أقسم الله بالكتاب المسطور في رق منشور
وعنوان السعادة وهو أمين لا يخون وعزيز لا يهون ان حملته
على شاطيء البحر شرفك وان جهلت أحدا عرفك يقوي جنانك
ويبسط لسانك بالكتاب يجلس الصعلوك على كراسي الملوك
يقوم الزلل ويسد الخلل ويطرد الملل ويشافي العلل يحفظ الأخبار
ويروي الأشعار ويكتم الأسرار ويبهج الأبرار وهو أشرف لك
من المال وأطوع لك من الرجال وأسى عندك من العيال وبه تبلغ
الكمال جزى الله الكتاب أفضل ثواب فقد أغناك عن البخلاء
وكفاك الثقلاء وأجلسك مع النبلاء وعرفك بالفضلاء يوفي لك الكيل
ويقصر عليك الليل هو تاجك في كل ناد وأنيسك في كل واد
وهو سلوة الحاضر والباد وخير ما أنتجه العباد أما تراه خفيف الجسم
موضعه على الصدور وبين الأنف والمقل هو الذي فخم السادات
واحتفلت به الملوك وأهل الشأن والدول أنا من بدل بالكتب الصحابا
لم أجد لي وافيا الا الكتابا صاحب ان عبته أو لم تعب ليس بالواجد
للصاحب عابا كلما أخلقته جددني وكساني من حلى الفضل ثيابا
صحبة لم أشك منها ريبة ووداد لم يكلفني عتابا ذات مرة
كنت منهمكة في قراءة احدى الروايات كانوا في طائرة يحلقون
وكنت معهم راكبة كنت وكأني قد أقفلت هذا العالم وحلقت بعيدة
واذا بهاتفي الجوال يدخل المفتاح ويفتحني لأقع في عالمي التقليدي
دونما أشعر لقد تضايقت أنه أعادني الى حياتي الأولى وها هو يصدح
بها الأديب المصري الكبير عباس العقاد فيقول:
[ لست أهوى القراءة لأكتب ولا لأزداد عملا في تقدير الحساب
انما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة وحياة واحدة
لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة القراءة
وحدها هل التي تعطي الأنسان الواحد أكثر من حياة واحدة لأنها تزيد
هذه الحياة عمقا فبدلا من أن تكون فكرتك وشعورك وخيالك واحدا
تصبح مئات الأفكار في القوة والعمق والامتداد بالفعل ان من تيسرت
له القراءة يصبح بلا شك سعيدا لأنه يقطف من حدائق العالم وتتجلى
أمام عينيه أحوال الأمم الغابرة ويكون كمن عاش مع أفضل أفرادها
وختاما أقول: ان الانسان الذي تعلم القراءة وعزف عنها
فهو كمن أعطي مفتاحا لكنز من كنوز الدنيا فتخلى وأعرض عنها
طوعا
القراءة هي هي الحياة الثانية