(الحديث الثالث : أركان الإسلام ودَعَائمهُ العِظام)
بناء الإسلام : 1- الشهادتان 2- الصلاة 3- الزكاة 4- الحج
ارتباط أركان الإسلام ببعض
عن أبي عَبْدِ الرَّحْمنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطابِ رَضيَ اللهُ عنهُما
قال : سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه و سلم يقولُ :
( بُنَي الإسلامُ على خَمْسٍ :
شهادَةِ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ و أَنَّ محمَّداً رسولُ اللهِ ، و إقَامِ الصَّلاةِ ،
و إيتَاءِ الزَّكاةِ ، و حَجِّ البَيْتِ ، و صَوْمِ رَمَضَانَ )
رواهُ البُخَارِيُّ و مسلمٌ
أي خمس دعائم أو خمسة أركان .
المداومة عليها ، و فعلها كاملة الشروط و الأركان ،
يشبِّه رسولُ الله صلى الله عليه و سلم الذي جاء به - و الذي يخرج
به الإنسان من دائرة الكفر و يستحق عليه دخول الجنة و المباعدة
من النار - بالبناء المحكم ، القائم على أسس و قواعد ثابتة ،
و يبين أنَّ هذه القواعد التي قام عليها و تم هي :
1- شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله :
و معناها الإقرار بوجود الله تعالى و وَحدانيته ، والتصديق بنبوة
محمد صلى الله عليه و سلم و رسالته ، وهذا الركن هو كالأساس
و قال عليه الصلاة و السلام :
( من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة )
و المراد المحافظة على الصلاة و القيام بها في أوقاتها ،
و أداؤها كاملة بشروطها و أركانها ، و مراعاة آدابها و سننها ،
حتى تؤتي ثمرتها في نفس المسلم فيترك الفحشاء والمنكر،
{ وَ أَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }
و هي إعطاء نصيب معين من المال - ممن ملك النصاب ،
و توفرت فيه شروط الوجوب و الأداء - للفقراء و المستحقين .
وهو قصد المسجد الحرام في أشهر الحج ، و هي شوال وذو القعدة
و العشر الأول من ذي الحجة ، و القيام بما بينه رسول الله صلى الله
عليه وسلم من مناسك ، و هو عبادة مالية و بدنية تتحقق فيه منافع
كثيرة للفرد و المجتمع ، و هو فوق ذلك كله مؤتمر إسلامي كبير،
ومناسبة عظيمة لالتقاء المسلمين من كل بلد .
و لذا كان ثواب الحج عظيماً وأجره و فيراً .
قال عليه الصلاة و السلام :
( الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة )
و قد فُرِض الحج في السنة السادسة من الهجرة
{ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا }
و قد فرض في السنة الثانية للهجرة
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى
وَ الْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
و هو عبادة فيها تطهير للنفس ، و سمو للروح ، و صحة للجسم ،
و من قام بها امتثالاً لأمر الله وابتغاء مرضاته كان تكفيراً لسيئاته
و من أتى بهذه الأركان كاملة كان مسلماً كامل الإيمان ،
ومن تركها جميعاً كان كافراً قطعاً .
ليس المراد بالعبادات في الإسلام صورها و أشكالها ،
و إنما المراد غايتها و معناها مع القيام بها ، فلا تنفع صلاة لا تنهى
عن الفحشاء والمنكر، كما لا يُفيد صومٌ لا يترك فاعلُه الزورَ و العمل
به ، كما لا يُقبل حج أو زكاة فعل للرياء و السمعة.
و لا يعني ذلك ترك هذه العبادات إذا لم تحقق ثمرتها ،
إنما المراد حمل النفس على الإخلاص بها و تحقيق المقصود منها .
و ليست هذه الأمور المذكورة في الحديث هي كل شيء في الإسلام ،
و إنما اقتصر على ذكرها لأهميتها ، و هناك أمور كثيرة غيرها ؛
قال عليه الصلاة والسلام :
( الإيمان بِضْعٌ وسبعونَ شعبة )
يُفيد الحديث أن الإسلام عقيدة و عمل ، فلا ينفع عمل دون إيمان ،
كما أنه لا وجود للإيمان دون العمل .