} وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا *
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى {
} وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي {
أي : خالف أمري ، وما أنزلته على رسولي ، أعرض عنه وتناساه
}فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا{
أي : في الدنيا ، فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره
ضيق حرج لضلاله ، وإن تنعم ظاهره ، ولبس ما شاء وأكل ما
شاء ، وسكن حيث شاء ، فإنقلبهما لم يخلص إلى اليقين والهدى،
فهو في قلق وحيرة وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد .
كل مال أعطيته عبدا من عبادي ، قل أو كثر ،لا يتقيني فيه ،
فلا خير فيه ، وهو الضنك في المعيشة .
إن قوما ضلالا أعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا
متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكا ; [ و ] ذلك أنهم كانوا يرون أن الله
ليس مخلفا لهم معايشهم ، من سوء ظنهم بالله والتكذيب ، فإذا كان
العبد يكذب بالله، ويسيء الظن به والثقة به اشتدت عليه معيشته،
وقال سفيان بن عيينة في قوله :
يضيق عليه قبره ، حتى تختلف أضلاعه فيه .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن تفسير هذه الآية :
} وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
هل هذه الآية على كل شخص يغفل عن ذكر الله ؟
هذا وعيد شديد لمن أعرض عن ذكر الله وعن طاعته فلم يؤد حق
الله ، هذا جزاؤه ، تكون له معيشة ضنكا وإن كان في مال كثير وسعة
لكن يجعل في عيشته ضنكاً ، لما يقع في قلبه من الضيق والحرج
والمشقة فلا ينفعه وجود المال ، يكون في حرج وفي مشقة بسبب
إعراضه عن ذكر الله وعن طاعة الله جل وعلا ، ثم يحشر يوم
القيامة أعمى . فالمقصود أن هذا في من أعرض عن طاعة الله وعن
حقه جل وعلا ، ولم يبالِ بأمر الله بل ارتكب محارمه وترك طاعته
جل وعلا ،فهذا جزاؤه ، نسأل الله العافية .
الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز