قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ السُّفَهَاءِ:
هُمُ الَّذِينَ خَفَّتْ أَحْلَامُهُمْ وَاسْتَمْهَنُوهَا بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ النَّظَرِ ،
يُرِيدُ الْمُنْكِرِينَ لِتَغْيِيرِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ. انتهـى .
{ وَمَنيَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ }
[ نزلت هذه الآية في اليهود؛ أحدثوا طريقًا ليست من عند الله،
وخالفوا ملَّة إبراهيم فيما أخذوه. ]
كما ذكر ابن كثير في تفسيره للآية .
[ وقد يذكر السفيه في بعض المواضع ويراد به الجاهل قليل العقل، ]
كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:
( من طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ،
أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ. )
[ رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني. ]
قال ألمبار كفوري في تحفة الأحوذي :
[ (أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ ) جَمْعُ السَّفِيهِ وَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلِ،
وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهِلُ أَيْ لِيُجَادِلَ بِهِ الْجُهَّالَ. ] اهـ.
وقال ألسندي في حاشيته على ابن ماجه :
[ قوله ( لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاء ) أَيْ يُجَادِل بِهِ ضِعَاف الْعُقُول. ] انتهـى.
قَوْله وقد يكون السفيه فاسقا كما في حديث :
( انهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ،
وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ،
وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ.
قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يا رسول الله ؟ قَالَ: السفيه يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. )
[ رواه الإمام أحمد وصححه الألباني. ]
وقد يذكر السفيه ولا يراد به الفاسق أو الكافر
كما يطلق الفقهاء القول على الصبيان بأنهم سفهاء في باب الحجر ونحوه،
كما ذكروا في تفسير قول الله تعالى :
{ وَلاَتُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْقِيَاماً }
وقد ذكرنا تفسير الآية وكلام العلماء على المقصود بالسفهاء فيها
قال تعالى في عباد الرحمن :
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{63} }
وفي هذا المعنى نسوق هذه الأبيات الجميلة
أعرض عن الجاهل السفيه فــكل ما قاله فهــــو فيــــه
فلا يضر نهر الفرات يوما إذا خاض بعض الكلاب فيه
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا لصار الصخر مثقال بدينار
يخاطبني السفيه بكل قبح فآبي أن أكون له مجيبـا
يزيد سفاهة وأزيد حلــما كعودا زاده الإحراق طيبا
ولقد أمر علي اللئيم يسبني فمضيت ثمة قلت لا يعنيني
إذا نطق السفيه فلا تجبه فـخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنـــه وإن خليته كمـــداً يمــــوت
سكت عن السفيه فظن أني عييت عن الجواب وما عييت
ولكني اكتسيت بثـوب حلم وجنبت السفاهـة ما حييت