(الحديث السادس : الحَلالُ والحَرَام)
1- الحلال بيِّن والحرام بيِّن
2- لكل ملك حمى 3- صلاح القلب
عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ :
سمعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
(إن الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُما أمور مُشْتَبِهَاتٌ
لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيِرٌ مِنَ الناسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ
وَ مَنْ وَقَعَ في الشَّبُهاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ ،
كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ،
أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُه ،
أَلا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحً الْجَسَدُ كُلُّهُ
وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وَهِيَ الْقَلْب)
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَ مُسْلِمٌ
جمع مشتبه ، وهو المشكل ؛ لما فيه من عدم الوضوح في الحل
ابتعد عنها ، و جعل بينه و بين كل شبهة أو مشكلة وقاية
اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَ عِرْضِهِ =
طلب البراءة أو حصل عليها لعرضه من الطعن ولدينه من النقص،
وأشار بذلك إلى ما يتعلق بالناس و ما يتعلق بالله عز و جل .
المحمي ، و هو المحظور على غير مالكه .
أن تأكل منه ماشيته و تقيم فيه .
قطعة من اللحم قدر ما يُمضغ في الفم .
الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن ، و بينهما أمور مشتبهات :
معناه أن الأشياء ثلاثة أقسام :
كأكل الخبز ، و الكلام ، و المشي ، و غير ذلك ..
كالخمر و الزنا ، و نحوهما ..
فمعناه أنها ليست بواضحة الحل و الحرمة ،
و لهذا لا يعرفها كثير من الناس ، و أما العلماء فيعرفون حكمها
بنص أو قياس ، فإذا تردد الشيء بين الحل و الحرمة و لم يكن نص
و لا إجماع اجتهد فيه المجتهد ، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي .
و من الورع ترك الشبهات مثل عدم معاملة إنسان في ماله شبهة
أو خالط ماله الربا ، أو الإكثار من مباحات تركها أولى .
أما ما يصل إلى درجة الوسوسة من تحريم الأمر البعيد فليس من
المشتبهات المطلوب تركها ،
ترك النكاح من نساء في بلد كبير خوفاً من أن يكون له فيها محرم ،
وترك استعمال ماء في فلاة ، لجواز تنجسه .. فهذا ليس بورع ،
ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
و روى عن ابن عمر أنه قال :
إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها .

لكل ملك حمى ، و إن حمى الله في أرضه محارمه :
الغرض من ذكر هذا المثل هو التنبيه بالشاهد على الغائب
وبالمحسوس على المجرد ، فإن ملوك العرب كانت تحمي مراعي
لمواشيها و تتوعد من يقربها ، و الخائف من عقوبة الملك يبتعد
بماشيته خوف الوقوع ، وغير الخائف يتقرب منها ويرعى في
جوارها وجوانبها ، فلا يلبث أن يقع فيها من غير اختياره ،
ولله سبحانه في أرضه حمى، وهي المعاصي والمحرمات ،
فمن ارتكب منها شيئاً استحق عقاب الله في الدنيا والآخرة ،
ومن اقترب منها بالدخول في الشبهات يوشك أن يقع في المحرمات
يتوقف صلاح الجسد على صلاح القلب ؛ لأنه أهم عضو في جسم
الإنسان ، و هذا لا خلاف فيه من الناحية التشريحية و الطبية ،
و من المُسَلَّم به أن القلب هو مصدر الحياة المشاهدة للإنسان ،
وطالما هو سليم يضخ الدم بانتظام إلى جميع أعضاء الجسم ،
و المراد من الحديث صلاح القلب المعنوي ،
والمقصود منه صلاح النفس من داخلها حيث لا يطلع عليها أحد
إلا الله تعالى ، و هي السريرة .
صلاح القلب في ستة أشياء :
والقلب السليم هو عنوان الفوز عند الله عز وجل ،
} يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ {
و يلزم من صلاح حركات القلب صلاح الجوارح ، فإذا كان القلب
صالحاً ليس فيه إلا إرادة ما يريده الله ، لم تنبعث الجوارح إلا فيما
يريده الله ، فسارعت إلى ما فيه رضاه وكفت عما يكره ،
وعما يخشى أن يكون مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك .
الحث على فعل الحلال ، و اجتناب الحرام ، و ترك الشبهات ،
و الاحتياط للدين والعرض ، وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء
الظن والوقوع في المحظور . الدعوة إلى إصلاح القوة العاقلة ،
وإصلاح النفس من داخلها وهو إصلاح القلب .
سد الذرائع إلى المحرمات ، وتحريم الوسائل إليها .