سبحان الله الانتصار على النفس يقود إلى انتصار والانهزام أمام
النفس يقود إلى انهزام ، الإنسان طبيعته حركية ديناميكية وليست
سكونية فأول خطوة إيجابية تقوده إلى خطوة إيجابية ، هذا المعنى
أشار النبي عليه الصلاة والسلام إليه حينما سأله أحد أصحابه .
قال يا رسول الله ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال إيمان بالله ، جاء
السؤال الثاني مع الإيمان عمل ؟ قال أن يعطي مما رزقه الله ،
قال : فإن كان لا يملك ، قال فليأمر بالمعروف ولينهى عن المنكر
قال فإن كان لا يحسن ، قال فليعن الأخرق ، قال فإن كان لا يستطيع ؟
يعني ليس معقول ولا ميزة له الإنسان كان السؤال صار محرج ،
قال : فليكف أذاه عن الناس ، فجاء السؤال الأشد إحراجاً ، قال أو إن
فعل هذا دخل الجنة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام ما من عبد مسلم
يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة .
( ما ذا يُنجي العبدُ من النَّارِ ؟ قال : الإيمانُ بالله .
قلتُ : يا نبيَّ اللهِ مع الإيمانِ عملٌ ؟ قال : أن تُرضِخَ مما خوَّلك اللهُ ،
و تُرضِخَ مما رزقك اللهُ .
قلتُ : يا نبيَّ اللهِ فإن كان فقيرًا لا يجدُ ما يرضَخُ ؟
قال : يأمرُ بالمعروفِ ، و ينهى عن المنكرِ .
قلتُ : إن كان لايستطيعُ أن يأمرَ المعروفَ ، و لا ينهى عن المنكرِ ؟
قال : " فلْيُعِنِ الأَخْرَقَ " .
قلتُ : يا رسولَ اللهِ : أرأيتَ ، إن كان لا يحسنُ أن يصنعَ ؟
قال : فلْيُعِنْ مظلومًا .
قلتُ : يا نبيَّ اللهِ أرأيتَ إن كان ضعيفًا لا يستطيعُ أن يُعينَ مظلومًا ؟
قال : ما تريدُ أن تترك لصاحبِك من خيرٍ ؟ لِيُمْسِكْ أذاه عن الناسِ .
قلتُ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن فعل هذا يدخلُه الجنَّةَ ؟
قال : ما من مؤمنٍ يطلبُ خَصلةً من هذه الخصالِ
إلا أخذَتْ بيدِه حتى تُدخِلَه الجنَّةَ )
الراوي : أبو ذر الغفاري – المحدث : الألباني –
المصدر : صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم : 876
خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
الإنسان طبيعته حركي يعني إذا كف أذاه عن الناس هذا الكف عمل
طيب ، نقله إلى أن يعين الناس في حاجاتهم فإذا أعان الناس في
حاجاتهم هذا العمل الطيب نقله إلى أن يأمرهم بالمعروف وينهاهم
عن المنكر ، الآن ما تكلف شيئاً فإذا أمرهم بالمعروف ونهاهم عن
المنكر هذا العمل ينقله إلى أن يعطي مما أعطاه الله ، لذلك خطوة نحو
المعصية تقود إلى معصية أشد وخطوة نحو الطاعة تقود إلى طاعة
أشد، لذلك ابن القيم رحمه الله تعالى قال من جاءته خاطرة . يعني
أضعف شيء ممكن أن يرد إليك خاطرة قال : فإن أهملها انقلبت إلى
فكرة ، الفكرة أوضح فإن أهملها انقلبت إلى رغبة ، صار فكرة انتهت
إلى رغبة ، فإن أهملها أصبحت شهوة ، الشهوة أقوى فإن أهملها
أصبحت إرادة فإن أهملها أصبحت فعلاً فإن تابعه أصبحت عادة .
هو أصعب شيء أن يدع الإنسان عاداته ،
} إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ {
معنى ذلك أنه ينبغي أن تقلع عن المعصية فور وقوعها ولا أن تمهل
حتى تنقلب هذه المعصية إلى عادة ، هذا المعنى جاء في القرآن
} فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ{
طال عليهم الأمد في المعاصي فقست قلوبهم .
) حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ
مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ(
يعني الإنسان حينما ينتصر يقوده انتصاره على نفسه إلى انتصار
آخر ولا شيء كالنجاح لأنه يقود النجاح إلى نجاح آخر ، أحياناً
إنسان يفتح محل ينجح نجاحاً كبيراً فرع ثاني فرع ثالث فرع رابع
فرع خامس في كل مكان في العالم النجاح يقود إلى النجاح
والانتصار على الذات يقود إلى انتصار أشد والإنسان حركي وليس سكوني .
يزداد إيماناً يزداد تألقاً يزداد قوة على نفسه يزداد ثباتاً على الحق فَلَا
تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ،
(حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ
مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا )
يعني لونه كلون الغبرة في ألوان قذرة ، في ألوان هي الحقيقة ليست
ألوان لكن تراكم التراب مع الطين مع الزيت مع الدخان ترى البناء
لونه قذراً ، لون منفر ، لون مخرش ، قضية الألوان قضية مهمة
جداً في ألوان توحي بالراحة في ألوان توحي بالاتساع البيت الصغير
قد يطلى بلون سماوي هذا يوحي بالاتساع والبيت البارد يطلى بلون
حار اللون السكري يوحي بالدفء والإنسان الذي طوله محدود يجب
أن لا يلبس مربعات يقصر أكثر ، يجب أن يلبس مقلم تقليمة ناعمة
فقضية الألوان قضية لها تأثير كبير جداً ، القلب الأبيض كما قال
(حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ
مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا )
لونه بلون الغبرة قال تعالى :
} كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {
وسبحان الله هذا شيء لا يتخذ مقياساً لكن ترى في وجه صافي في
وجه مشرق في وجه متألق في وجه عليه غبرة في وجه أسود
وبالنهاية في نهاية النهاية يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
لي صديق يعمل قاضياً للتحقيق في قصر العدل مرة زرته وجدت
أمامه إنساناً والله له وجه والعياذ بالله أسود كما قال النبي مرباد كان
قاتل يحقق معه ، فتح الباب ودخل صديق القاضي ومكلفه بخدمة
وأنجز له إياها وجه متألق هكذا وازنت بين الوجهين أين الثرى من
الثريا . يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
) تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ (
الترمذي ، أبو داود ، أحمد ، ابن ماجه
البياض لون ثياب أهل الجنة واللون الأسود يوحي أحياناً بالبعد عن
) وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا (
الكوز إناء إذا أملت الإناء الماء يندلق منه فيصبح فارغاً ، فلما القلب
الذي هو منظر الرب ، الذي هو مهبط تجليات الله ، الذي هو مكان
أنوار الله إذا مال إلى الدنيا ، تصور النور خرج منه صار قلب كالكوز
مجخياً ، ما صفات هذا القلب ؟
) لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا (