( ممَا جَاءَ فِي : مَطْلِ الْغَنِيِّ أَنَّهُ ظُلْمٌ )
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍحَدَّثَنَاعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
عَنْ أَبِي الزِّنَادِعَنْ الْأَعْرَجِ رضى الله تعالى عنهم أجمعين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنه
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ
( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَ إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ)
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ
قَوْلُهُ : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ )
أَيْ : تَأْخِيرُهُ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ
( ظُلْمٌ ) إِنَّ الْمَطْلَ مَنْعُ أَدَاءِ مَا اسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ ،
وَهُوَ حَرَامٌ مِنَ الْمُتَمَكِّنِ ،
وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى الْإِمْكَانِ ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ،
قَالَ الْحَافِظُ : الْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ هُنَا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَأَخَّرَهُ ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا ،
قَالَ : وَقَوْلُهُ مَطْلُ الْغَنِيِّ هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ،
وَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْغَنِيِّ الْقَادِرِ أَنْ يَمْطُلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ
وَقِيلَ هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى يَجِبُ وَفَاءُ الدَّيْنِ ،
وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّهُ غَنِيًّا ، وَلَا يَكُونُ غِنَاهُ سَبَبًا لِتَأْخِيرِ حَقِّهِ عَنْهُ ،
وإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْغَنِيِّ فَهُوَ فِي الْفَقِيرِ أَوْلَى ، ولَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا التَّأْوِيلِ . انْتَهَى .
( فَإِذَا أُتْبِعَ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ الْقَطْعِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ،
وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : جُعِلَ تَابِعًا لِلْغَيْرِ بِطَلَبِ الْحَقِّ وَحَاصِلُهُ إِذَا أُحِيلَ
( عَلَى مَلِيٍّ ) أَيْ : غَنِيٍّ ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْمَلِيءُ بِالْهَمْزَةِ الثِّقَةُ الْغَنِيُّ ،
وَقَدْ أُولِعَ النَّاسُ فِيهِ بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ . انْتَهَى .
( فَلْيَتْبَعْ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ
أَيْ : فَلْيَحْتَلْ يَعْنِي : فَلْيَقْبَلِ الْحَوَالَةَ ،
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍفِي الْفَتْحِ : مَعْنَى قَوْلِهِ أُتْبِعَ فَلْيَتْبَعْ أَيْ : أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ ،
و قَدْ رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَحْمَدُ، قَالَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَاللُّغَةِ
كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ إِسْكَانُ الْمُثَنَّاةِ فِي أُتْبِعَ ، وفِي فَلْيَتْبَعْ ،
وَهُوَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِثْلُ إِذَا عُلِّمَ فَلْيَعْلَمْ ،
وقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَمَّا أُتْبِعَ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّاءِ مَبْنِيًّا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ ،
وأَمَّا فَلْيَتْبَعْ فَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّخْفِيفِ ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّشْدِيدِ ،
وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ . انْتَهَى ،
قَالَ الْحَافِظُ : وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أُتْبِعَ يَرُدُّهُ
قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ إِنَّ أَكْثَرَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُونَهُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَالصَّوَابُ التَّخْفِيفُ .
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .