من كتاب : البداية و النهاية لإبن كثير - يرحمه الله
ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول - يعني :
من السنة الثانية - يريد قريشاً .
واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون .
استخلف عليها سعد بن معاذ .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب ، وكان لواؤه
مع سعد بن أبي وقاص وكان مقصده أن يعترض لعير قريش وكان
فيه أمية بن خلف ومائة رجل وألفان وخمسمائة بعير .
حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً
فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى .
واستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد .
وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب .
وخرج عليه السلام يتعرض لعيرات قريش ذاهبة إلى الشام .
فسلك على نقب بني دينار ، ثم على فيناء الخيار، فنزل تحت شجرة
ببطحاء ابن أزهر يقال لها : ذات الساق فصلى عندها فثم مسجده ،
فصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه ، فرسوم أثافي
البرمة معلوم هناك ، واستسقى له من ماء يقال له : المشيرب .
ثم ارتحل فنزك الخلائق بيسار وسلك شعبة عبد الله، ثم صب للشاد
حتى هبط ملل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة ، ثم سلك فرش
ملل حتى لقي الطريق بصخيرات اليمام ، ثم اعتدل به الطريق حتى
نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليال من جمادى
الآخرة ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ، ثم رجع إلى
المدينة ولم يلق كيداً .
حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا وهب ، ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق .
كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له :
كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة ؟
وهذا الحديث ظاهر في أن أول الغزوات العشيرة ، ويقال : بالسين
وبهما مع حذف التاء ، وبهما مع المد اللهم إلا أن يكون المراد غزاة
شهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم العشيرة وحينئذً لا
ينفي أن يكون قبلها غيرها لم يشهدها زيد بن أرقم وبهذا يحصل
الجمع بين ما ذكره محمد بن إسحاق وبين هذا الحديث والله أعلم .
ويومئذٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ما قال .
فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم ، عن محمد بن كعب القرظي ،
حدثني أبو يزيد محمد بن خيثم ، عن عمار بن ياسر .
كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن
ينبع ، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بها شهراً
فصالح بها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة فوادعهم .
فقال لي علي بن أبي طالب :
هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر - من بني مدلج يعملون في
عين لهم - ننظر كيف يعملون ؟
فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة فغشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل
في دقعاء من الأرض فنمنا فيه .
فوالله ما أهبنا إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا بقدمه
فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذٍ قال رسول الله صلى الله
( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَشْقَى الناسِ رَجلينِ ؟
أُحَيْمِرُ ثمودَ الذي عقَرَ الناقَةَ ، والذي يضْرِبُكَ يا عَلِيُّ عَلَى هذِه ،
حتى يَبُلَّ مِنْهَا هذِه )
الراوي : عمار بن ياسر - المحدث : الألباني –
المصدر : صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم : 2589