أسمـــــــــاء الله الحسنى
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن
وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، لازلنا مع اسم " الحفيظ " .
والحقيقة الدقيقة أن أكبر أسباب حفظ الله للمؤمن أن يكون
كن مع الله ترَ الله معـك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنـعه ثم من يعطي إذا ما منعـك
أكبر خصائص الإيمان أن الله مع المؤمن :
أيها الأخوة ، في القرآن الكريم معيتان :
الله عز وجل مع كل الخلق ، مع المؤمن ، ومع الكافر ، ومع
الملحد ، ومع الفاسق ، ومع الفاجر ، ومع الطائع .
الآن حفظ الشيء صيانته من التلف والضياع ، ويستعمل الحفظ
في العلم على معنى الضبط ، وعدم النسيان ، أو تعاهد الشيء
وقلة الغفلة عنه ، رجل حافظ ، وقوم حفاظ هم الذين رزقوا حفظ
ما سمعوا وقلّما ينسون شيئاً .
} وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ {
( سورة الحديد الآية : 4 )
أي معكم بعلمه، هذه معية عامة لكل الخلق، مع كل مخلوق، مع
كل كائن، مع كل شيء،لكن المعول عليه هو المعية الخاصة
} وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ {
} أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{
هذه المعية الخاصة المعول عليها، أي أن الله مع المؤمن يحفظه،
أي أن الله مع المؤمن يوفقه، أي أن اللهمع المؤمن ينصره ، أي
أن الله مع المؤمن يؤيده ، فأحد أكبر خصائص الإيمان أن الله مع
المعية الخاصة أحد أكبر أسباب حفظ الله عز وجل للمؤمن :
الحقيقة التي أُرددها كثيراً :
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
إذا كان الله معك من يستطيع في الكون أن ينال منك ، وإذا كان
لو أنك تملك كل شيء فإن الله سبحانه وتعالى يلقي البغضاء في
أيها الأخوة ، المعول عليه المعية الخاصة ، لأن حفظ الله لك أحد
أكبر أسبابه المعية الخاصة ، إلا أن الحقيقة الدقيقة هي أن معية
الله الخاصة التي يعول عليها لها ثمن .
أن تطمع بعطاء كبير بلا ثمن ، من السذاجة ، الله عز وجل
لا يحابي خلقه أبداً هناك قواعد دقيقة ، فكلما كان المؤمن أكثر
وعياً يطبق هذه القواعد لينال هذه النتائج .
إذاً المعية الخاصة هي المعية المعول عليها في الحفظ ،
الله عز وجل يحفظك إذا كنت معه ، وإذا كنت معه كان معك .
من اصطلح مع الله ألقى الله في قلبه الأمن و السعادة و الطمأنينة
أيها الأخوة ، أحد أكبر أسباب التوجيه إلى الدين ، ما الذي يربطك
بالدين ؟ لماذا أنت تقبل على رب العالمين ؟ لماذا تحرص على
قد يقول قائل إن أفكار الدين هي التي تشدني إليه ، هذا الكلام
صحيح إلى حدٍّ ما ، أفكار الدين رائعة ، الدين قدم لك تفسيراً
عميقاً ، دقيقاً ، متناسقاً ، للكون والحياة والإنسان ، أعطاك
التفسير الجامع المانع ، أعطاك التفسير الذي لم يظهر في
المستقبل ما ينقضه ، فالمؤمن يتمتع بما يسمى بالأمن العقدي ،
هناك حقائق صارخة ، ودقيقة للكون والحياة والإنسان .
} فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {
} فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {
الدين قدم لك تفسيراً علمياً ، فلسفياً ، صحيحاً ، عميقاً ، دقيقاً
للحياة ، للكون للإنسان ، ولكن الذي يشدك إلى الدين معاملة الله
لك ، معاملة الله لك المتميزة حينما تصطلح معه ، وحينما تنيب
إليه ، وحينما تقبل عليه ، وحينما تؤثر طاعته على كل شيء ،
المعاملة المتميزة التي تشدك للدين هي أهم ما في السلوك إلى الله
عز وجل ، تشعر أن الله معك ، تشعر أن الله يؤيدك ، تشعر أن الله
يحفظك ، أن الله يلهمك الصواب ، أن الله يلقي في قلبك الأمن ،
أن الله يلقي في قلبك السعادة ، كل هذه المشاعر ، وهذه
التوفيقات ، وهذه التكريمات بسبب صلحك مع الله .