ويقول الباحثون :
إن تعليم الطفل الرحمة سيساهم بشكل كبير في تخفيف الجريمة
والعدوانية التي أصبحت مرضاً لا سبيل لعلاجه.
وملخص هذا البحث كما يقول الباحث ديفيدسون من جامعة
(Wisconsin-Madison)إن هذه الوسيلة أي تعلم الرحمة،
مهمة جداً لعلاج الأطفال وبخاصة أولئك الذين هم على أبواب الانحراف.
ونكرر من جديد
ألم يطبق نبينا صلى الله عليه وسلم هذه الرحمة على أتم وجه؟
لقد ضرب لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الرحمة
عندما عفا عن كفار قريش الذين أساؤوا إليه أشد الإساءة
وذلك عندما عفا عنهم أثناء فتح مكة،
كذلك ضرب النبي لنا أمثلة رائعة في رحمة الأطفال وحسن تربيتهم،
فقد روى سيدنا أنس بن مالك أنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
( عشر سنين لم يقل لشيء فعله لم فعلت كذا،
أو لشيء لم يفعله لمَ لمْ تفعل كذا، هل بعد هذه الرحمة رحمة! )
يؤكد العلماء
أن الرحمة ينبغي أن يتعلمها الإنسان منذ أن يكون طفلاً
لتقيه شر الانحرافات وسوف تساهم في بناء شخصية أكثر اعتدالاً،
هذا ما وصلوا إليه بعد معاناة ومرارة وتجارب طويلة،
ولكن الإسلام وفر علينا عناء البحث وأعطانا المعلومة جاهزة،
ولكن للأسف نجد من يجحد ويستكبر ويعرض!
الرحمة هي أول صفة لله في كتابه
وربما ندرك بعد هذه الحقائق
لماذا بدأ الله أول صفة له في كتابه باسمين هما
{ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
حتى إننا لا نقرأ القرآن إلا ونبدأ بهذه الآية العظيمة
ولا نصلي ركعة إلا ونبدأ بها،
ولا نأكل أو نشرب أو نفعل أي عمل إلا ونبدأ بـ
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
لتبقى الرحمة في أذهاننا ليل نهار، فتصبح جزءاً من حياتنا،
وهذا ما يفتقر إليه الغرب اليوم،
حتى وجدوا أنه لابد من تعلم الرحمة من أجل حل مشكلاتهم.
يكفي أن نعلم أن اسم (الرحمن) قد تكرر في القرآن 57 مرة،
واسم (الرحيم) قد تكرر 114 مرة أي الضعف،
وصفة (رحيم) قد وردت مرة واحدة كصفة لخير الخلق رسول الله
في قوله تعالى :
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ
مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
[ التوبة : 128 ] .
ووردت صفة الرحمة في القرآن في أكثر من مئة آية،
وكل هذا ليعلمنا الله تعالى "الرحمة"
وليؤثر على نفوسنا بهذه التعاليم الرائعة.
ولذلك قال المؤرخون :
لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من المسلمين !!
فكانت الرحمة تتجلى في معاملاتهم وفي أخلاقهم وفي فتوحاتهم
وفي رفقهم بالحيوان وفي كل حركة وفعل،
والسبب يعود لتعاليم القرآن القوية.
هذه التعاليم هي ما ينادي به الغرب اليوم!
ونقول للملحدين :
أنتم تعترفون بأنكم تتركون أمور الأخلاق والتشريعات
والقوانين لأصحاب الاختصاص،
وهاهم أصحاب الاختصاص يعودون لمبادئ القرآن،
فلماذا تحاربون هذه المبادئ؟؟
انظروا معي إلى هذا النداء الإلهي المليء بالرحمة
واختاروا أين تضعون أنفسكم :
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً
وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
(57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58)
بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59)
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ
أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)
وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
[ الزمر : 53 – 61 ] ،
فكروا للحظة واحدة واسألوا أنفسكم :
هل يمكن لبشر أن يقول مثل هذا الكلام ؟؟؟
