ماذا ننتظر ...؟

مواقف عديدة نمر بها في حياتنا تستدعي منا المرور بفترات انتظار طويلة أو قصيرة . مهما يكن الهدف الذي نسعى إليه بعد هذا
الإنتظار فإن تحمل الإنتظار يظل أمراً صعباً على الكثير .
كيف يمكن تحمل الانتظار، كيف يمكن التعامل مع فترات الانتظار مصدر الإنتظار هو الغاية التي نسعى إليها .
الإنتظار يبدو طويلاً وقاسياً عندما يكون ما نسعى إليه مهماً جداً بالنسبة لنا . فمن ينتظر نتيجة إمتحان قبول أو قرار توظيف يشعر
برغبة عارمة بمعرفة النتيجة .
وتزداد شدة هذا الشعور عندما يكون الهدف الذي نصبو إليه ممكناً
في متناول اليد . فإنتظار نتيجة اليانصيب ليس قاسية .
لأن ربح الجائزة الكبرى أو جائزة قيمة هو أمر استثنائي حتى أن
تحمل الانتظار ممكن عندما نعيد اعتبار أهمية الاشياء التي
نسعى إليها . من الطبيعي أن نضع أهداف نصب أعيينا ،
لكن تحميل هذه الأهداف قدرات عجائبية يجعلها تبدو أكثر أهمية
لا شك بأن النجاح مهم ، الحصول على وظيفة مهم ، الحصول على
لكن جعل النجاح في امتحان دراسي أو امتحان توظيف محور
للحياة هو أمر مبالغ فيه بشكل كبير .
التغلب على الانتظار يبدأ بوضع ما ننتظره ضمن حجمه الحقيقي
لا أكثر . عندما نضع كل هدف أو موقف ضمن حجمه الحقيقي نخفف
على أنفسنا عناء الانتظار لاشياء كثيرة نجعلها مهمة وهي في
لكن مالعمل مع الأمور التي تظل رغم كل شيء مهمة جداً ؟
مثلاً ، انتظار نتيجة عمل جراحي يمكن أن يؤدي فشله لفقدان
في هذه الحالة لا بد من اللجوء إلى وسائل تقنية .
مثل شغل التفكير بأمر مهم آخر لتجنب الوقوع في الفراغ أثناء
الانتظار . توقف العقل عن التفكير يجعل الانتظار مؤلماً جداً .
مآسي الإنتظار.................؟
جاءك الدكتور يوماً ...
وقال ووجهه يقمع احمراراً .. ولسانه يتلعثم .. ستموت بعد خمسة
أيام !
أقول لك .. إنك لن تموت بعد خمسة أيام .. إنك ستموت في كل ساعة
من تلك الأيام الخمسة .. ستون مرة !
ستموت في كل دقيقة تنتظر فيها الموت .. بل ستعيش الموت
ولحظاتها وسكراته وحشرجاته في كل زفرة تخرج من صدرك ..
سترسم طريق الموت أمامك .. وسترى ملائكة الرحمة أو ملائكة
وستشاهد ملك الموت في كل ليلة في المنام .. وتبكي حتى تظن أن
دموعك قد جفت .. فتخرج مرة أخرى من جديد ..
ستسأم من كل المشاهد التي أمامك .. لن تحاول أن تشبع بطنك ..
وما فائدة الأكل إذا كنتُ سأموت بعد خمسة أيام ..؟
حتى مطيتك ومسكنك .. وأصحابك ستهجرهم ..
لماذا أحسسهم بالحزن والألم بعد مغادرتي لهم ..
ألستُ أقول دوماً أنني أحبهم .. ؟؟؟
هل حبي لهم يعني أن أعايشهم بأحسن حالاتي قبل مغادرة دنياهم ؟
حتى جسدك لن تهتم به .. ولن تأكل الأدوية لتعالج مرضك ..
ستقتل كل الأعمال القلبية في فؤادك .. حبك .. وبغضك .. كراهيتك ..
كل هذا .. لمجرد أنك ستنتظر الموت !!
مع أنك تجزم الآن .. أن الموت مخلوق .. ليس في يد الطبيب
فالله قد خلق الموت والحياة التي نعيشها الآن .. ليبلونا أينا أحسن
الانتظار .. جعل حياة بشر كثر .. حياة برزخية .. يصبحون على
الدود وينامون في الليل بين اللحود !
ينتظرون الموت في كل أشكاله .. إن لم تكن حرباً دامية ..
وإن لم يكن مرضاً عضالاً .. فموتاً مفاجأً !!
انتظارهم للموت .. أحال حياتهم لسواد .. ونسوا أن يعمروا دنياهم ..
كحال من ينتظر صاحبه أمام الباب .. ليقله معه في سيارته ..
فهو جالس على عتبة بيتهم ..
لا يشتغل ولا يريد أن يشغل وقته .. كل ذلك ينتظر ... وينتظر ...
صنع البطالة لدى من استلموا الشهادات والوثائق الجامعية ..
فمكثوا في بيوت أمهاتهم كأخواتهم ينتظرون الوظيفة ..!
صنع الكسل والكسلانين في مجتمعنا .. فباتوا ينتظرون الفرج من
عند الدولة أو الملك أو من أقرب أو أبعد إنسان .. فإن لم يكن ..
فليأتِ بموت آبائهم ليرثوا ما جمعوه لهم من أموال ! صنع الخمول .. وصنع الرقاد وكثرة النوم .. صنع الانتظار في نفوس
بروج الآمال في الأجيال القادمة .. وهم أجيالنا القادمة !!!
ألزم الأمة في مهانة وذل .. فهي تنتظر فرجاً من الله .. بنزول أمر
أو معجزة إلهية بدمار أمريكا أو فناء إسرائيل ..
عطل ملايين من العالم الإسلامي .. ينتظرون المهدي أو ينتظرون
قاتل الله الانتظار ... ما أفسده !
خلاصة الانتظار..............؟
التعامل مع الإنتظار هو سلوك شخصي يمكن تغييره . وهذا التغيير يعود بالفائدة على جوانب حياتنا كلها .