(الحديث الثالث عشر : أُخُوَّةُ الإِيمَانِ و اْلإسْلاَمِ )
1- تماسك المجتمع المسلم و المحبة والود فيه
عن أبي حَمْزَةَ أَنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه خادِم رسولِ الله صلى الله
( لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه )
من يدعي الإيمان و الإسلام منكم
المسلم و المسلمة ، و قيل : لأخيه الإنسان
مثل الذي يحبه لنفسه من الخير
تماسك المجتمع المسلم و المحبة و الود فيه
يهدف الإسلام أن يعيش الناس جميعاً متوادين ومتحابين ،
يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع و سعادة المجتمع ، حتى
تسود العدالة ، و تنتشر الطمأنينة في النفوس ، و يقوم التعاون
والتضامن فيما بينهم ، و لا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في
المجتمع لغيره ما يريده لنفسه من السعادة والخير و الرخاء ،
ولذا نجده صلى الله عليه و سلم يربط ذلك بالإيمان ،
و يجعله خَصْلَة من خِصَاله .
إن أصل الإيمان يتحقق بتصديق القلب الجازم ، و إذعانه لربوبية الله
عز وجل ، والاعتقاد ببقية الأركان ، من الإيمان بالملائكة و الكتب
والرسل و اليوم الآخر و القضاء و القدر ، و لا يتوقف أصل الإيمان
وفي هذا الحديث يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان
لا ترسخ جذوره في النفس ، و لا يتمكن من القلب ، و لا يكمل في
صدر المسلم ، إلا إذا أصبح إنسان خير، بعيداً عن الأنانية و الحقد ،
و الكراهية والحسد ، ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم :
أن يحب لغيره من الخير المباح و فعل الطاعات ما يحبه لنفسه ،
و أن يبغض لهم من الشر و المعصية ما يبغضه لنفسه أيضاً .
أن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم ، إذا رأى منه تقصيراً في واجبه ،
روى مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( فمن سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو
يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه )
من كمال الإيمان في المسلم أن لا يقتصر في حب الخير لغيره وبغض
الشر له على المسلم فحسب ، بل يحب ذلك لغير المسلم أيضاً ،
و لا سيما الإيمان ، فيحب للكافر أن يسلم و يؤمن ، و يكره فيه
ويبغض له الكفر والفسوق ، قال عليه الصلاة و السلام :
( و أَحِبَّ للناسِ ما تُحِبُّ لنفسك تكنْ مؤمنًا )
و لهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً .
في هذا الحديث حثُّ منه صلى الله عليه وسلم لكل مسلم ، أن يحمل
نفسه على حب الخير للناس، ليكون ذلك برهاناً منه على صدق
إيمانه و حسن إسلامه . و هكذا تسري المحبة بين الناس جميعاً ،
أما المجتمع غير الإيماني فهو مجتمع أناني بغيض :
إذا ذبل الإيمان في القلوب وانتفى كماله وانتفت محبة الخير للناس
من النفوس ، وحل محلَّها الحسدُ ونية الغش ، وتمكنت الأنانية في
المجتمع ، و أصبح الناس ذئاباً بشرية ،
وانطبق على مثل هذا المجتمع قول الله عز و جل :
{ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }
فهذا المجتمع إلى خراب و زوال .

الحث على ائتلاف قلوب الناس ، و العمل على انتظام أحوالهم ،
و هذا من أهم ما جاء الإسلام من أجله و سعى إليه .
التنفير من الحسد ، لأنه يتنافى مع كمال الإيمان ،
فإن الحاسد يكره أن يفوقه أحد في خير أو يُساويه فيه ،
بل ربما تمنى زواله عنه و لو لم يصل إليه .
الإيمان يزيد و ينقص : تزيده الطاعة و تنقصه المعصية .