(الحديث الرابع عشر : حُرْمَةُ دمِ المُسْلِم)
عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي اللهُ عنه قالَ :
قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :
( لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاّ الله وأَنِّي رَسُولُ الله
الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بالنّفْسِ ، وَ التَّارِكُ لِدِيِنِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَماعَةِ )
إذا أصبحت حياة الفرد خطراً على حياة الجماعة ، فأصابه المرض
وانحرف عن الصحة الإنسانية والسلامة الفطرية ، وأصبح جرثومة
خبيثة ، تَفْتِك في جسم الأمة ، وتُفْسِد عليها دينها وأخلاقها
وأعراضها ، وتنشر فيها الشر والضلال ، فقد سقط حقه في الحياة ،
وأُهدر وجوده ، ووجب استئصاله ، ليحيا المجتمع الإسلامي في أمن
وهذا الحديث من القواعد الخطيرة لتعلقه بأخطر الأشياء وهو
الدماء ، وبيان ما يحل وما لا يحل ، وإن الأصل فيها العصمة .
أي لا تحل إراقته ، و المراد: القتل
الثيب : من ليس ببكر، يطلق على الذكر والأنثى ،
يقال : رجل ثيب، وامرأة ثيب ،
وإطلاقه على المرأة أكثر ، والزاني هو في اللغة الفاجر
وشرعاً: وطء الرجل المرأة الحية في قُبُلِها من غير نكاح
هو الخارج من الدين بالارتداد ،
التارك لجماعة المسلمين بالرِّدَّة
إنَّ مَن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فأقرّ بوجوده
سبحانه ووَحْدانيته ، وصدَّق بنبوة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم
واعترف برسالته ، فقد عصم دمه وصان نفسه وحفظ حياته ،
ولا يجوز لأحد ولا يَحِل له أن يُرِيق دمه أو يُزْهِق نفسه ،
وتبقى هذه العصمة ملازمة للمسلم ،
إلا إذا اقترف إحدى جنايات ثلاث :
1- قتل النفس عمداً بغير حق .
2- الزنا بعد الإحصان ، وهو الزواج .
أجمع المسلمون على أن حد زنى الثيب ( المحصن ) الرجم حتى
يموت ، لأنه اعتدى على عرض غيره ، وارتكب فاحشة الزنا ،
بعد أن أنعم الله عز وجل عليه بالمتعة الحلال ، فَعَدل عن الطيب إلى
الخبيث ، و جنى على الإنسانية بخلط الأنساب وإفساد النسل ،
وتنكَّر لنهي الله عز وجل :
{ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا }
وقد ثبت الرجم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله ،
فقد روى الجماعة أنه رجم ماعزاً ،
وروى مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجم الغامدية .
و كان الرجم في القرآن الذي نُسِخَ لفظه :
( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما بما قضيا من اللذة )
الراوي : سهل بن حنيف - المحدث : محمد جار الله الصعدي –
المصدر : النوافح العطرة - الصفحة أو الرقم : 174
أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً فقد استحق القصاص
وهو القتل ، قال الله تعالى :
{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ }
و ذلك حتى يأمن النَّاسُ على حياتهم ، وقال الله تعالى :
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }
و يسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول .
أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد ، وأصر على الكفر ،
ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة ، أنه يُقتل ،
روى البخاري وأصحاب السنن : عن ابن عباس رضي الله عنهما :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن بدَّلَ دينَهُ فاقتُلوه )
و أجمع المسلمون على أن من ترك الصلاة جاحداً بها فقد كفر
واعتُبِر مرتداً ، وأقيم عليه حد الرِّدة .
و أما إذا تركها كسلاً وهو يعترف بفرضيتها فقد اختلفوا في ذلك :
فذهب الجمهور إلى أنه يُستتاب فإن لم يتب قتل حداً لا كفراً ،
وذهب الإمام أحمد وبعض المالكية إلى أنه يقتل كفراً ،
يُحْبَس حتى يصلي أو يموت ، ويُعَزَّر في حبسه بالضرب وغيره .
{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ }
{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ )
أن الدين المعتبر هو ما عليه جماعة المسلمين ، و هم الغالبية
الحث على التزام جماعة المسلمين وعدم الشذوذ عنهم .
التنفير من هذه الجرائم الثلاثة ( الزنا، والقتل، و الردة ) ،
والتحذير من الوقوع فيها .
تربية المجتمع على الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن
الحدود في الإسلام رادعة ، و يقصد منها الوقاية و الحماية .
القصاص لا يكون إلا بالسيف عند الحنفية ،
يُقتل القاتل بمثل ما قَتل به ، و للولي أن يَعْدِل إلى السيف .