عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-19-2013, 06:37 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي الفتوة منزلة من منازل السالك إلى الله

الأخت / بنت الحرمين الشريفين


الفتوة نزلة من منازل السالك إلى الله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد
الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار العلم والمعرفة ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الفتوى
أيها الأخوة الكرام ، مع موضوعٍ جديد من موضوعات :
" سبل الوصول وعلامات القبول " ،
والموضوع عنوانه :
" الفتوة " ، فالفتوة منزلة من منازل السالك إلى الله ، حقيقتها الإحسان ،
والإحسان نهاية العمل ،
لقوله تعالى :
} هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {
[ سورة الرحمن ]
لقد منحك الله نعمة الإيجاد ، ومنحك نعمة الإمداد ، ومنحك نعمة الهدى
والرشاد .
أنت حسنةٌ من حسنات الله عز و جل فهل جزاء إحسان الله لك إلا أن تحسن
إلى خلقه ؟
} هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {
الله عز وجل خلقنا لـ :
} جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ {
[ سورة آل عمران الآية : 133 ]
الله عز وجل خلقنا ليسعدنا ، خلقنا ليرحمنا .
} إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ {
[ سورة هود الآية: 119 ]
وكل الخلق مطلوبون لرحمة الله عز و جل ، فإذا كان ردّ فعلك على إحسان الله لك
أن تحسن إلى عباده ، فهذه منزلة سماها العلماء منزلة الفتوة ،
وهي بين التخلق وبين المروءة ، جُمعت مكارم الأخلاق كلها في المروءة .
والبدايات إنما الحلم بالتحلم ، وإنما الكرم بالتكرم ، وإنما العلم بالتعلم ،
فأن تتصنع الحلم هذا سبيل أن تكون حليماً ، أن تتصنع الكرم هذا طريق أن
تكون كريماً ، أن تتعلم هذا طريق أن تكون عالماً .
فالفتوة بين التخلق وبين المروءة التي جمعت فيها مكارم الأخلاق ،
وإن مكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى ، فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً
حسناً ، فالإيمان هو الخلق ومن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان .
من آمن بالله و شكره حقق الهدف من وجوده .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أيها الأخوة ، مرةٍ ثانية وثالثة :
الله عز وجل سخر لك هذا الكون لأنه حينما عرضت عليك الأمانة
المخلوقات جميعاً أبوا أن يحملوها ، وأشفقوا منها ، وأنت أيها الإنسان
قلت : أنا لها يا رب ،
قبِلت حمل الأمانة ، فلما قبلت حمل الأمانة .
} وَسَخَّرَ لَكُمْ {
[ سورة الجاثية الآية: 13 ]
سخر الله لك أيها الإنسان
} مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ {
[ سورة الجاثية الآية: 13 ]
تسخير تعريفٍ وتسخير تكريم ، أراد من هذا الكون الذي سخره لك أن
تعرفه ، وأراد من هذا الكون الذي سخره لك أن يكرمك به ، فردّ فعل التعريف
أن تؤمن ، وردّ فعل التكريم أن تشكر ، إذا آمنت وشكرت حققت الهدف من
وجودك ،
قال تعالى :
} مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ {
[ سورة النساء الآية: 147 ]
فحينما تشكر وحينما تؤمن تكون قد حققت الهدف الأكبر الذي خلقت من
أجله.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الفرق بين الفتوة و المروءة :
أيها الأخوة ، قال بعض العلماء :
الفتوة هي :
الإحسان إلى الخلق ، وكف الأذى عنهم ، بل احتمال الأذى منهم ، الإحسان
يعني الفتوة ، والفتوة تعني الإحسان ، كف الأذى ، بل احتمال الأذى ،
بل الإحسان إلى الخلق .
مرة ثانية :
الإيمان حسن الخلق ، وذهب حسن الخلق بالخير كله ، وسوء الخلق يفسد
العمل كما يفسد الخل العسل .
أيها الأخوة ، قال بعض العلماء :
الفرق بين مرتبة الفتوة وبين مرتبة المروءة أن المروءة أعمّ من الفتوة ،
وكأن الفتوةتعني أن يتخلق الشباب بأخلاقٍ بطولية ، وكأن الفتوة تخص
الشباب بادئ ذي الأمر .
أيها الأخوة ، الفتوة بمعناها الدقيق استعمال ما يجمل ويحسن مما هو
مختصٌ بالعبد ، وترك ما يدنسه ويشينه مما هو مختصٌ به ، فالموقف
الكامل هو المروءة وهو ترك الموقف الناقص ، كأن مكارم الأخلاق جُمعت
في المروءة ، وكأن مساوئ الأخلاق جُمعت في اللؤم ، فلان ذو مروءة أي
فيه خير، فيه تواضع ، فيه كرم ، فيه شجاعة ، فيه وفاء ، فيه إنصاف ،
جمعت مكارم الأخلاق في المروءة ، وجُمعت مساوئ الأخلاق في اللؤم ،
لئيم ، على بخيل ،على جبان ، على منحرف ، على شهواني ، جُمعت مساوئ
الأخلاق في كلمة واحدة هي : اللؤم .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الإمام عليٌ رضي الله عنه يقول:
والله والله مرتين ، لحفر بئرين بإبرتين ، وكنس أرض الحجاز في يومٍ
عاصفٍ بريشتين ، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين ، وغسل عبدين أسودين
حتى يصيرا أبيضين ، أهون عليّ من طلب حاجةٍ من لئيمٍ لوفاء دين .
سئل أحدهم ما الذل ؟
قال :
أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يرده .
ما من شيءٍ أحب إلى الله تعالى من شابٍ تائب .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لذلك أيها الأخوة ، جُمعت مكارم الأخلاق كلها في كلمة واحدة هي المروءة
وجمعت مساوئ الأخلاق كلها في كلمة واحدة هي اللؤم ، والفتوة بين التخلق
وبين المروءة وكأن هذه المرتبة تخص الشباب لأن ريح الجنة في الشباب ،
ولأن الله يباهي الملائكة بالشاب المؤمن .
يقول :
( إنه ترَك شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجْلي )
وما من شيءٍ أحب إلى الله تعالى من شابٍ تائب .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس