أن التوبة من الذنب الإسراع في عمل الخير لأن هذا خلق المؤمنين
المتقين ، و قد يغلب على الإنسان النسيان أو الغفلة ، و قد تغريه
نفسه أو يوسوس له شيطانه ، فيقع في المعصية و يرتكب الذنب ،
و من التقوى - عندئذ - أن يسارع إلى التوبة ويستغفر الله عز وجل
إذا ذكر أو نُبِّه ، قال تعالى في وصف المتقين :
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا
لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا
ثم يبادر المسلم التقي ، بعد التوبة والاستغفار ، إلى فعل الخيرات
و الإكثار من الأعمال الصالحة ، لتكفر عنه ذنبه وتمحوا ما اقترفه
من إثم ، واثقاً بوعد الله تعالى إذ قال :
{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ }
و مستجيباً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال :
( و أتبع السيئة الحسنة تمحها )
التوبة شرط لتكفير الكبائر :
أجمع المسلمون على أن الحسنات تُكَفِّر الذنوب الصغيرة ،
و أما الذنوب الكبيرة – و هي كل ذنب توعد الله تعالى عليه بالعقاب
الشديد، كعقوق الوالدين ، و قتل النفس ، و أكل الربا ، و شرب
الخمر و نحو ذلك - فلا بد فيها من التوبة ،
{ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى }
و هذا إذا كان الذنب لا يتعلق بحق العباد ، فإن كان متعلقاً بحق العباد
- كالسرقة و الغصب و القتل ونحو ذلك - فلا بد فيها من أداء
الحقوق لأهلها ، أو طلب المسامحة منهم و مسامحتهم ، فإذا حصل
ذلك رُجي من الله تعالى القَبول و محو الذنوب ، بل تبديلها حسنات ،
{ إِلا مَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ }
أنه إذا لم تكن للمكلف ذنوب صغيرة ، فإن الأعمال الصالحة تؤثر
بالذنوب الكبيرة ، فتخفف إثمها بقدر ما تكفر من الصغائر ، و إذا لم
تكن له ذنوب كبيرة و لا صغيرة فإنه سبحانه يضاعف له الأجر
الأخلاق أساس قيام الحضارة الإنسانية :
يوجهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، في هذه الوصية ، إلى أمر
فيه صلاح حياة الفرد و استقامة نظام المجتمع ، ألا وهو معاملة
الناس بالخلق الحسن الجميل ، معاملة الإنسان للناس بما يحب أن
يعاملوه به من الخير، حتى يصبحَ المسلمُ أليفاً ، يُحبُّ الناسَ
ويُحبونه ، و يُكرمهم ويُكرمونه ، و يُحسن إليهم ويُحسنون إليه ،
وعندها يندفع كل فرد في المجتمع ، إلى القيام بواجبه راضياً مطمئناً
فتستقيمُ الأمور وتسودُ القيم وتقوم الحضارة .
و للأخلاق منزلة رفيعة في الإسلام ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبرُكم بأحبِّكم إلى الله ، و أقربكم مني مجلساً يوم القيامة ؟
قالوا: بلى ، قال : أحسنكم خلقاً )
يمكن للإنسان أن يكتسب الأخلاق الحسنة الرفيعة ، و ذلك بالاقتداء
برسول الله صلى الله عليه و سلم في حسن خلقه ، و لقد أمرنا الله عز
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
و من وسائل اكتساب الأخلاق الحميدة :
صحبة الأتقياء والعلماء ، وذوي الأخلاق الفاضلة ، و مجانبة
الأشرار و ذوي الأفعال الدنيئة الرديئة .
من حسن الخلق صلة الرحم ، و العفو و الصفح ، و العطاء رغم
بشاشة الوجه، والحلم والتواضع ، و التودد إلى الناس و عدم سوء
الظن بهم ، وكفُّ الأذى عنهم . قال صلى الله عليه وسلم :
( لا تحقرن من المعروف شيئاً و لو أن تلقى أخاك بوجه طلق )